وقيل : الكاف في الآية غير زائدة ، ثم اختلف ؛ فقيل : الزائد «مثل» ، كما زيدت في (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ) [البقرة : ١٣٧] قالوا : وإنما زيدت هنا لتفصل الكاف من الضمير ، ا ه.
والقول بزيادة الحرف أولى من القول بزيادة الاسم ، بل زيادة الاسم لم تثبت ، وأما (بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ) [البقرة : ١٣٧] فقد يشهد للقائل بزيادة «مثل» فيها قراءة ابن عباس بما آمنتم به ، وقد تؤوّلت قراءة الجماعة على زيادة الباء في المفعول المطلق ، أي : إيمانا مثل إيمانكم به ، أي بالله سبحانه ، أو بمحمد عليه الصلاة والسّلام ، أو بالقرآن. وقيل : «مثل» للقرآن ، و «ما» للتوراة ، أي : فإن آمنوا بكتابكم كما آمنتم بكتابهم ، وفي الآية الأولى قول ثالث ، وهو أن الكاف و «مثلا» لا زائد منهما ، ثم اختلف ، فقيل : «مثل» بمعنى الذات ، وقيل : بمعنى الصّفة ، وقيل : الكاف اسم مؤكّد بـ «مثل» ، كما عكس ذلك من قال [من الرجز] :
٨٤ ـ [ولعبت طير بهم أبابيل] |
|
فصيّروا مثل كعصف مأكول (١) |
وأما الكاف الاسميّة الجارّة فمرادفة لـ «مثل» ، ولا تقع كذلك عند سيبويه والمحقّقين إلا في الضرورة ، كقوله [من الرجز] :
٨٥ ـ بيض ثلاث كنعاج جمّ |
|
يضحكن عن كالبرد المنهمّ (٢) |
وقال كثير منهم الأخفش والفارسيّ : يجوز في الاختيار ، فجوزوا في نحو : «زيد كالأسد» أن تكون الكاف في موضع رفع ، و «الأسد» مخفوضا بالإضافة.
ويقع مثل هذا في كتب المعربين كثيرا ، قال الزمخشري في : (فَأَنْفُخُ فِيهِ) [آل عمران : ٤٩] : إن الضمير راجع للكاف من (كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) [آل عمران : ٤٩] ، أي : فأنفخ في ذلك الشيء المماثل فيصير كسائر الطيور ، انتهى. ووقع مثل ذلك في كلام غيره.
ولو كان كما زعموا لسمع في الكلام مثل «مررت بكالأسد».
وتتعيّن الحرفية في موضعين ؛ أحدهما : أن تكون زائدة ، خلافا لمن أجاز زيادة الأسماء ، والثاني : أن تقع هي ومخفوضها صلة كقوله [من الرجز] :
__________________
(١) البيت من الرجز ، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٥٢ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٩٦.
(٢) البيت من الرجز ، وهو بلا نسبة في جمهرة اللغة مادة (همم) ، ولسان العرب مادة (همم) ، وأوضح المسالك ٣ / ٥٤.