والثاني : أن «الطيب» اسمها ، وأن خبرها محذوف ، أي في الوجود ، وأن «المسك» بدل من اسمها.
الثالث : أنه كذلك ، ولكن «إلا المسك» نعت للاسم ، لأن تعريفه تعريف الجنس ، فهو نكرة معنى ، أي : ليس طيب غير المسك طيبا.
ولأبي نزار الملقّب بملك النحاة توجيه آخر ، وهو أن «الطيب» اسمها ، و «المسك» مبتدأ حذف خبره ، والجملة خبر «ليس» ، والتقدير : إلا المسك أفخره.
وما تقدّم من نقل أبي عمرو أن ذلك لغة تميم يردّ هذه التأويلات.
وزعم بعضهم عن قائل ذلك أنه قدّرها حرفا ، وأن من ذلك قولهم : «ليس خلق الله مثله» ، وقوله [من البسيط] :
٣١١ ـ هي الشّفاء لدائي لو ظفرت بها ، |
|
وليس منها شفاء النّفس مبذول (١) |
ولا دليل فيهما : لجواز كون «ليس» فيهما شأنيّة.
الموضع الثالث : أن تدخل على الجملة الفعلية ، أو على المبتدأ والخبر مرفوعين كما مثلنا ، وقد أجبنا عن ذلك.
الرابع : أن تكون حرفا عاطفا ، أثبت ذلك الكوفيّون أو البغداديّون ، على خلاف بين النّقلة ، واستدلّوا بنحو قوله [من الرجز] :
٣١٢ ـ أين المفرّ والإله الطّالب ، |
|
والأشرم المغلوب ، ليس الغالب (٢) |
وخرج على أن «الغالب» اسمها والخبر محذوف ؛ قال ابن مالك : وهو في الأصل ضمير متّصل عائد على الأشرم ، أي ليسه الغالب ، كما تقول : «الصديق كانه زيد» ثم حذف لاتّصاله. ومقتضى كلامه أنه لو لا تقديره متصلا لم يجز حذفه ، وفيه نظر.
ـ حرف الميم ـ
* (ما) : تأتي على وجهين : اسمية ، وحرفية ، وكل منهما ثلاثة أقسام. فأما أوجه الاسمية.
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو لهشام بن عقبة في الأزهية ص ١٩١ ، والأشباه والنظائر ٥ / ٨٥ ، والدرر ٢ / ٤٢ ، ولذي الرمة في شرح أبيات سيبوية ١ / ٤٢١.
(٢) البيت من الرجز ، وهو لنفيل بن حبيب الحميري في الدرر ٦ / ١٤٦ وشرح شواهد المغني ص ٧٠٥ ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٤٩٨.