حينئذ لا يتّجه ، لأنها لا تكون بدلا من «ما» إذ المبدل من اسم الاستفهام يجب اقترانه بهمزة الاستفهام ، نحو : «ما صنعت أخيرا أم شرّا» ، ولأن «ما» النكرة الواقعة في غير الاستفهام والشرط لا تستغني عن الوصف ، إلا في بابي التعجّب و «نعم» و «بئس» ، وإلّا في نحو قولهم : «إني ممّا أن أفعل» على خلاف فيهن ، وقد مرّ ، ولا عطف بيان ؛ لهذا ، ولأن «ما» الاستفهامية لا توصف ، وما لا يوصف كالضمير لا يعطف عليه عطف بيان ، ولا مضافا إليه ؛ لأن أسماء الاستفهام وأسماء الشرط والموصولات لا يضاف منها غير أيّ باتّفاق ، و «كم» في الاستفهام عند الزجّاج في نحو : «بكم درهم اشتريت» ، والصحيح أن جرّه بـ «من» محذوفة.
وإذا ركّبت «ما» الاستفهاميّة مع «ذا» لم تحذف ألفها ، نحو : «لماذا جئت» ، لأن ألفها قد صارت حشوا.
* * *
وهذا فصل عقدته في «لماذا»
اعلم أنها تأتي في العربيّة على أوجه :
أحدها : أن تكون «ما» استفهاميّة و «ذا» إشارة ، نحو : «ما ذا التّواني؟» و «ما ذا الوقوف»؟.
والثاني : أن تكون «ما» استفهاميّة و «ذا» موصولة ، كقول لبيد [من الطويل] :
٣١٩ ـ ألا تسألان المرء ما ذا يحاول |
|
أنحب فيقضى أم ضلال وباطل؟ (١) |
ف «ما» مبتدأ ، بدليل إبداله المرفوع منها ، و «ذا» : موصول ، بدليل افتقاره للجملة بعده ، وهو أرجح الوجهين في : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) [البقرة : ٢١٩] فيمن رفع «العفو» ، أي : الذي ينفقونه العفو ، إذ الأصل أن تجاب الاسميّة بالاسميّة والفعليّة بالفعليّة.
الثالث : أن يكون «ماذا» كلّه استفهاما على التّركيب كقولك : «لماذا جئت؟» ، وقوله [من البسيط] :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص ٢٥٤ ، والأزهية ص ٢٠ ، وخزانة الأدب ٢ / ٢٥٢ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ١٥٩ ، ورصف المباني ص ١٨٨.