٣٥٦ ـ سلع ما ، ومثله عشر ما |
|
عائل ما ، وعالت البيقورا (١) |
وهذا البيت قال عيسى بن عمر : لا أدري ما معناه ، ولا رأيت أحدا يعرفه ، وقال غيره : كانوا إذا أرادوا الاستسقاء في سنة الجدب عقدوا في أذناب البقر وبين عراقيبها السّلع بفتحتين والعشر بضمة ففتحة ، وهما ضربان من الشجر ، ثم أوقدوا فيها النار وصعدوا بها الجبال ، ورفعوا أصواتهم بالدعاء قال [من البسيط] :
٣٥٧ ـ أجاعل أنت بيقورا مسلّعة |
|
ذريعة لك بين الله والمطر (٢) |
ومعنى «عالت البيقورا» أن السنة أثقلت البقر بما حمّلتها من السّلع والعشر.
* * *
وهذا فصل عقدته للتدريب في «ما»
قوله تعالى : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) (٢) [المسد : ٢] تحتمل «ما» الأولى النافية ، أي : لم يغن والاستفهاميّة فتكون مفعولا مطلقا ، والتقدير أيّ إغناء أغنى عنه ماله ، ويضعف كونه مبتدأ بحذف المفعول المضمر حينئذ ، إذ تقديره : أيّ إغناء أغناه عنه ماله. وهو نظير «زيد ضربت» إلا أن الهاء المحذوفة في الآية مفعول مطلق ، وفي المثال مفعول به. وأما «ما» الثانية فموصول اسمي أو حرفيّ ، أي : والذي كسبه ، لزم التكرار لتقدّم ذكر المال ، ويجاب بأنه يجوز أن يراد به الولد ؛ ففي الحديث : «أحقّ ما أكل الرّجل من كسبه وإنّ ولده من كسبه» ؛ والآية حينئذ نظير (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ) [آل عمران : ١٠] ، وأمّا (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) (١١) [الليل : ١١] ، (ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ) [الحاقة : ٢٨] ، فـ «ما» فيهما محتملة للاستفهاميّة وللنافية ، ويرجّحها تعيّنها في (فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ) [الأحقاف : ٢٦] ، والأرجح في (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) [البقرة : ١٠٢] أنّها موصولة عطف على «السحر». وقيل : نافية فالوقف على «السحر» ؛ والأرجح في (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) [يس : ٦] أنّها النافية بدليل (وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) [سبأ : ٤٤] ، وتحتمل الموصولة. والأظهر في (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) [الحجر : ٩٤] المصدريّة ، وقيل : موصولة ، قال ابن الشجري : ففيه خمسة حذوف ؛ والأصل : بما تؤمر
__________________
(١) البيت من الخفيف ، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص ٣٦ ، والأزهية ص ١٨ ، والأشباه والنظائر ٦ / ١٠١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٠٥ ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٣٣٢ ولسان العرب مادة / بقر /.
(٢) البيت من البسيط ، وهو للورل الطائي في لسان العرب ٤ / ٧٣ ، / بقر / ، والتنبيه والإيضاح ٢ / ٨٧ ، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ٢ / ٩٩ ، ومجمل اللغة ١ / ٢٨٢.