الحالة الثالثة : أن يليهما الجمل الفعليّة أو الاسمية ، كقوله [من الكامل] :
٣٩٦ ـ ما زال مذ عقدت يداه إزاره |
|
[فسما فأدرك خمسة الأشبار](١) |
وقوله [من الطويل] :
٣٩٧ ـ وما زلت أبغي المال مذ أنا يافع |
|
[وليدا وكهلا ، حين شبت ، وأمردا](٢) |
والمشهور أنهما حينئذ ظرفان مضافان ، فقيل : إلى الجملة ، وقيل : إلى زمن مضاف إلى الجملة ؛ وقيل : مبتدآن ؛ فيجب تقدير زمان مضاف للجملة يكون هو الخبر.
وأصل «مذ» : «منذ» ، بدليل رجوعهم إلى ضمّ ذال «مذ» عند ملاقاة الساكن ، نحو : «مذ اليوم» ، ولو لا أنّ الأصل الضم لكسروا ، ولأن بعضهم يقول : «مذ زمن طويل» فيضم مع عدم الساكن. وقال ابن ملكون : هما أصلان ، لأنه لا يتصرّف في الحرف ولا شبهه ، ويردّه تخفيفهم «إنّ» و «كأنّ» و «لكنّ» و «ربّ» و «قطّ». وقال المالقي : إذا كانت «مذ» اسما فأصلها «منذ» ، أو حرفا فهي أصل.
ـ حرف النون ـ
* النون المفردة ـ تأتي على أربعة أوجه :
أحدها : نون التّوكيد ، وهي خفيفة وثقيلة ، وقد اجتمعتا في قوله تعالى : (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً) [يوسف : ٣٢] ، وهما أصلان عند البصريّين ؛ وقال الكوفيّون : الثّقيلة أصل ، ومعناهما التّوكيد. قال الخليل : والتّوكيد بالثّقيلة أبلغ ، ويختصّان بالفعل ، وأما قوله [من الرجز] :
٣٩٨ ـ أريت إن جاءت به أملودا |
|
مرجّلا ويلبس البرودا] |
أقائلنّ أحضروا الشّهودا (٣) |
فضرورة سوّغها شبه الوصف بالفعل.
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ٣٠٥ ، والأشباه والنظائر ٥ / ١٢٣ ، وجواهر الأدب ص ٣١٧ ، وحزانة الأدب ١ / ٢١٢.
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو للأعشى في ديوانه ص ١٨٥ ، وتذكرة النحاة ص ٥٨٩ ، والدرر ٣ / ١٣٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٢١ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٦٠.
(٣) البيت من بحر ، وهو الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٧٣ ، وشرح التصريح ١ / ٤٢ ، ولرجل من هذيل في حاشية يس ١ / ٤٢ ، وخزانة الأدب ٦ / ٥ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٢٤ ، ولسان العرب مادة (رأي).