فلا دليل ، وبتقدير ثبوت تلك الرواية فالبيت شاذّ ؛ فيمكن تخريجه على أنه من الجمع بين حرفين لمعنى واحد على سبيل التوكيد ، كقوله [من الوافر] :
ولا للما بهم أبدا دواء
بل الذي في ذلك البيت أسهل ، لاختلاف اللفظين ، وكون أحدهما على حرفين ، فهو كقوله [من الطويل] :
٤١٩ ـ فأصبح لا يسألنه عن بما به |
|
أصعّد في علو الهوى أم تصوّبا (١) |
* * * *
(هو) وفروعه : تكون أسماء وهو الغالب ، وأحرفا في نحو : «زيد هو الفاضل» إذا أعرب فصلا وقلنا : لا موضع له من الإعراب ، وقيل : هي مع القول بذلك أسماء كما قال الأخفش في نحو : «صه» و «نزال» : أسماء لا محل لها ، وكما في الألف واللام في نحو : «الضارب» إذا قدرناهما اسما.
ـ حرف الواو ـ
* (الواو المفردة) انتهى مجموع ما يذكر من أقسامها إلى أحد عشر :
الأول : العاطفة ، ومعناها مطلق الجمع ، فتعطف الشيء على مصاحبه نحو : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ) [العنكبوت : ١٥] ، وعلى سابقه نحو : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ) [الحديد : ٢٦] ، وعلى لاحقه ، نحو : (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) [الشورى : ٣] ، وقد اجتمع هذان في : (وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) [الأحزاب : ٧] ؛ فعلى هذا إذا قيل «قام زيد وعمرو» احتمل ثلاثة معان ؛ قال ابن مالك : وكونها للمعيّة راجح ، وللترتيب كثير ، ولعكسه قليل ، ا ه.
ويجوز أن يكون بين متعاطفيها تقارب أو تراخ ، نحو : (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القصص : ٧] ، فإن الردّ بعيد إلقائه في اليمّ ، والإرسال على رأس أربعين سنة.
وقول بعضهم «إنّ معناها الجمع المطلق» غير سديد ، لتقييد الجمع بقيد الإطلاق ، وإنما هي للجمع لا بقيد. وقول السّيرافي «إن النحويّين واللغويّين أجمعوا على أنها لا تفيد
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو للأسود بن يعفر في ديوانه ص ٢١ ، وشرح التصريح ٢ / ١٣٠ والمقاصد النحوية ٤ / ١٠٣ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ٣٤٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٥٢٧ ، والدرر ٤ / ١٠٥.