نحو : (إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ) [يونس : ٩٠] مع امتناع «قامت الزيدون».
الثاني عشر : واو علامة المذكّرين في لغة طيّىء أو أزد شنوءة أو بلحارث ، ومنه الحديث : «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنّهار» ، وقوله [من المتقارب] :
٤٤٢ ـ يلومونني في اشتراء النّخي |
|
ل أهلي ، فكلّهم ألوم (١) |
وهي عند سيبويه حرف دالّ على الجماعة كما أن التاء في «قالت» حرف دال على التأنيث ، وقيل : هي اسم مرفوع على الفاعليّة ؛ ثم قيل : إن ما بعدها بدل منها ، وقيل : مبتدأ والجملة خبر مقدّم ؛ وكذا الخلاف في نحو «قاما أخواك» و «قمن نسوتك» ، وقد تستعمل لغير العقلاء إذا نزلوا منزلتهم ، قال أبو سعيد : نحو «أكلوني البراغيث» إذ وصفت بالأكل لا بالقرص ، وهذا سهو منه ؛ فإن الأكل من صفات الحيوانات عاقلة وغير عاقلة ؛ وقال ابن الشجري : عندي أن «الأكل» هنا بمعنى العدوان والظلم ، كقوله [من الوافر] :
٤٤٣ ـ أكلت بنيك أكل الضّبّ حتّى |
|
وجدت مرارة الكلأ الوبيل (٢) |
أي : ظلمتهم ؛ وشبّه الأكل المعنويّ بالحقيقي ؛ والأحسن في «الضبّ» في البيت أن لا يكون في موضع نصب على حذف الفاعل ؛ أي مثل أكلك الضبّ ، بل في موضع رفع على حذف المفعول : أي مثل أكل الضّب أولاده ؛ لأنّ ذلك أدخل في التشبيه ، وعلى هذا فيحتمل «الأكل» الثاني أن يكون معنويّا ، لأن الضبّ ظالم لأولاده بأكله إيّاهم ؛ وفي المثل : «أعقّ من ضبّ». وقد حمل بعضهم على هذه اللغة : (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) [المائدة : ٧١] ، (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) [الأنبياء : ٣] ؛ وحملهما على غير هذه اللغة أولى لضعفها ، وقد جوّز في (الَّذِينَ ظَلَمُوا) أن يكون بدلا من الواو في (وَأَسَرُّوا ،) أو مبتدأ خبره إما (وَأَسَرُّوا) أو قول محذوف عامل في جملة الاستفهام ، أي : يقولون هل هذا ، وأن يكون خبرا لمحذوف : أي هم الذين ، أو فاعلا بـ «أسرّوا» والواو علامة كما قدّمنا ، أو بـ «يقول» محذوفا ، أو بدلا من واو (اسْتَمَعُوهُ) [الأنبياء : ٢] ، وأن يكون منصوبا على البدل من مفعول (يَأْتِيهِمْ) [الأنبياء : ٢] أو على إضمار «أذمّ» أو «أعني» ، وأن يكون مجرورا على البدل من (الناس) في (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) [الأنبياء : ١] ، أو من الهاء
__________________
(١) البيت من المتقارب ، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص ٤٨ ، والدرر ٢ / ٢٨٣ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٣٦٣ ، وأوضح المسالك ٢ / ١٠٠.
(٢) البيت من الوافر ، وهو للعملس بن عقيل في الحيوان ٦ / ٤٩ ، والمعاني الكبير ص ٦٤٢ وبلا نسبة في الأغاني ١٢ / ٢٧١.