فإن قلت : لعله بنى ذلك على ما اختاره ونقله عن سيبويه من كون «أنّ» وصلتها مبتدأ لا خبر له ، وذلك لطوله وجريان الإسناد في ضمنه.
قلت : إنّما مراده أن يبيّن ما لزم على إعراب الزمخشري ، والزمخشري يرى أنّ «أنّ» وصلتها هنا فاعل يثبت.
وأما قول المعترض فلأنه كان من حقّه أن يعدّها ثلاث جمل ، وذلك لأنه لا يعدّ (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) جملة ؛ لأنها حال مرتبطة بعاملها ، وليست مستقلّة برأسها ، ويعدّ «لو» وما في حيّزها جملة واحدة : إما فعليّة إن قدّر : ولو ثبت أن أهل القرى آمنوا واتّقوا ، أو اسميّة إن قدّر : ولو أنّ إيمانهم وتقواهم ثابتان ، ويعدّ (وَلكِنْ كَذَّبُوا) جملة ، و (فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) كلّه جملة ، وهذا هو التّحقيق ، ولا ينافي ذلك ما قدّمناه في تفسير الجملة ، لأن الكلام هنا ليس في مطلق الجملة ، بل في الجملة بقيد كونها جملة اعتراض ، وتلك لا تكون إلا كلاما تاما.
انقسام الجملة إلى اسميّة وفعليّة وظرفية
فالاسميّة هي : التي صدرها اسم ، كـ «زيد قائم» ، و «هيهات العقيق» ، و «قائم الزيدان» ، عند من جوّزه ، وهو الأخفش والكوفيّون.
والفعليّة هي : التي صدرها فعل ، كـ «قام زيد» ، و «ضرب اللصّ» ، و «كان زيد قائما» ، و «ظننته قائما» ، و «يقوم زيد» ، و «قم».
والظرفيّة هي : المصدّرة بظرف أو مجرور ، نحو : «أعندك زيد» ، و «أفي الدار زيد» ، إذا قدرت «زيدا» فاعلا بالظرف والجارّ والمجرور ، لا بالاستقرار المحذوف ، ولا مبتدأ مخبرا عنه بهما ؛ ومثّل الزمخشريّ لذلك بـ «في الدار» من قولك : «زيد في الدار» وهو مبنيّ على أن الاستقرار المقدّر فعل لا إسم ، وعلى أنه حذف وحده وانتقل الضمير إلى الظرف بعد أن عمل فيه.
وزاد الزمخشريّ وغيره الجملة الشرطية ، والصواب أنها من قبيل الفعليّة لما سيأتي.
تنبيه ـ مرادنا بصدر الجملة المسند أو المسند إليه ، فلا عبرة بما تقدّم عليهما من الحروف ؛ فالجملة من نحو : «أقائم الزيدان» ، و «أزيد أخوك» ، و «لعلّ أباك منطلق» ، و «ما زيد قائما» اسميّة ، ومن نحو : «أقام زيد» ، و «إن قام زيد» ، و «قد قام زيد» ، و «هلّا قمت» فعليّة.