وقول كثير [من الطويل] :
٤٨٨ ـ وإنّي ـ وتهيامي بعزّة بعد ما |
|
تخلّيت ممّا بيننا وتخلّت ـ |
٤٨٩ ـ لكالمرتجي ظلّ الغمامة كلّما |
|
تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت (١) |
قال أبو علي : «تهيامي بعزّة» جملة معترضة بين اسم «إنّ» وخبرها ، وقال أبو الفتح : يجوز أن تكون الواو للقسم ، كقولك : «إنّي وحبّك لضنين بك» فتكون الباء متعلّقة بالتّهيام لا بخبر محذوف.
الخامس : بين الشرط وجوابه ، نحو : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) [النحل : ١٠١] ، ونحو : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ) [البقرة : ٢٤] ، ونحو : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى) [النساء : ١٣٥] ، قاله جماعة منهم ابن مالك ، والظّاهر أن الجواب (فَاللهُ أَوْلى بِهِما) [النساء : ١٣٥] ، ولا يردّ ذلك تثنية الضمير كما توهّموا لأن «أو» هنا للتّنويع ، وحكمها حكم الواو في وجوب المطابقة ، نصّ عليه الأبدي ، وهو الحقّ ؛ أمّا قول ابن عصفور : إن تثنية الضّمير في الآية شاذّة فباطل كبطلان قوله مثل ذلك في إفراد الضمير في (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [التوبة : ٦٢] وفي ذلك ثلاثة أوجه :
أحدها : أن (أَحَقُ) خبر عنهما ؛ وسهّل إفراد الضّمير أمران : معنويّ وهو أن إرضاء الله سبحانه إرضاء لرسوله عليه الصّلاة والسّلام ، وبالعكس (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) [الفتح : ١٠] ، ولفظيّ هو تقديم إفراد «أحق» ، ووجه ذلك أن اسم التّفضيل المجرّد من «أل» والإضافة واجب الإفراد نحو : (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُ) [يوسف : ٨] ، (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ) [التوبة : ٢٤] إلى قوله (أَحَبَّ إِلَيْكُمْ) [التوبة : ٢٤].
والثاني : أن (أَحَقُ) خبر عن اسم الله سبحانه ، وحذف مثله خبرا عن اسمه عليه الصّلاة والسّلام ، أو بالعكس.
والثالث : أن (أَنْ يُرْضُوهُ) ليس في موضع جرّ أو نصب بتقدير : بأن يرضوه ، بل
__________________
(١) البيتان من الطويل ، وهما لكثير عزة في ديوانه ص ١٠٣ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢١٤ ، والخصائص ١ / ٣٤٠ ، وسر صناعة الإعراب ص ١٣٩ ، وشرح شواهد المغني ص ٨١٢.