أن يقدّر المخصوص «هو» ، لتقدّم ذكر «بشر» في البيت قبله ، وهو [من البسيط] :
٥٦٤ ـ وكيف أرهب أمرا أو أراع به |
|
وقد زكأت إلى بشر بن مروان؟ (١) |
فيبقى التّقدير حينئذ : هو هو هو.
هل يتعلّقان بأحرف المعاني؟
المشهور منع ذلك مطلقا ، وقيل بجوازه مطلقا ، وفصّل بعضهم فقال : إن كان نائبا عن فعل حذف ، جاز ذلك على طريق النّيابة لا الأصالة ، وإلّا فلا ، وهو قول أبي علي وأبي الفتح ، زعما في نحو : «يا لزيد» أن اللام متعلّقة بـ «يا» ، بل قالا في «يا عبد الله» : إن النّصب بـ «يا» وهو نظير قولهما في قوله [من البسيط] :
٥٦٥ ـ أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر |
|
[فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع](٢) |
إنّ «ما» الزائدة هي الرّافعة الناصبة ، لا «كان» المحذوفة.
وأمّا الذين قالوا بالجواز مطلقا ، فقال بعضهم في قول كعب بن زهير رضي الله تعالى عنه [من البسيط] :
٥٦٦ ـ وما سعاد غداة البين إذ رحلوا |
|
إلّا أغنّ غضيض الطّرف مكحول (٣) |
«غداة البين» : ظرف للنفي ، أي : انتفى كونها في هذا الوقت إلا كأغنّ.
وقال ابن الحاجب في : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ) [الزخرف : ٣٩] «إذ» بدل من «اليوم» و «اليوم» إما ظرف للنّفع المنفيّ ، وإمّا لما في «لن» من معنى النفي ، أي : انتفى في هذا اليوم النفع ، فالمنفيّ نفع مطلق ، وعلى الأوّل نفع مقيّد باليوم. وقال أيضا : إذا قلت «ما ضربته للتأديب» فإن قصدت نفي ضرب معلّل بالتأديب فاللام متعلّقة بالفعل ، والمنفي ضرب مخصوص ، وللتأديب : تعليل للضّرب المنفي ؛ وإن قصدت نفي الضّرب على كل حال ، فاللام متعلّقة بالنفي والتّعليل له ، أي : أنّ انتفاء الضّرب كان لأجل التأديب ؛ لأنه قد يؤدّب بعض الناس بترك الضرب ، ومثله في التعلّق بحرف النفي «ما
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في لسان العرب ١ / ٩١ مادة / زكأ / ، وجمهرة اللغة ص ١٠٩٨ ـ ١٠٣٨ ، وتاج العروس ١ / ٢٥٨ مادة / زكأ /.
(٢) البيت من البسيط ، وهو لعباس بن مرادس في ديوانه ص ١٢٨ ، والأشباه والنظائر ٢ / ١١٣ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٣ ، والدرر ٢ / ٩١.
(٣) البيت من البسيط ، وهو لكعب بن زهير في ديوانه ص ٦٠ ، والدرر ٥ / ٣١١ وشرح شواهد الإيضاح ص ١٣٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٢٥ ، والشعر والشعراء ١ / ١٦٠.