بذلك من الجمع بين إضافة «أفعل» وكونه بـ «من» ، وهذا البيت أشكل على أبي علي حتى جعله من تخليط الأعراب.
والرابع : «ربّ» في نحو : «ربّ رجل صالح لقيته ، أو لقيت» ؛ لأن مجرورها مفعول في الثاني ، ومبتدأ في الأول ، أو مفعول على حدّ «زيدا ضربته» ، ويقدّر النّاصب بعد المجرور لا قبل الجارّ ؛ لأن «ربّ» لها الصّدر من بين حروف الجرّ ، وإنما دخلت في المثالين لإفادة التّكثير أو التقليل ، لا لتعدية عامل. هذا قول الرمّاني وابن طاهر. وقال الجمهور : هي حرف جرّ معدّ ، فإن قالوا : إنها عدّت العامل المذكور فخطأ ، لأنه يتعدّى بنفسه ، ولاستيفائه معموله في المثال الأول ؛ وإن قالوا : عدّت محذوفا تقديره «حصل» أو نحوه كما صرّح به جماعة ، ففيه تقدير لما معنى الكلام مستغن عنه ولم يلفظ به في وقت.
الخامس : كاف التشبيه ، قاله الأخفش وابن عصفور ، مستدلّين بأنه إذا قيل : «زيد كعمرو» فإن كان المتعلّق «استقرّ» ، فالكاف لا تدلّ عليه ، بخلاف نحو «في» من «زيد في الدار» ؛ وإن كان فعلا مناسبا للكاف ـ وهو أشبه ـ فهو متعدّ بنفسه لا بالحرف.
والحق أن جميع الحروف الجارّة الواقعة في موضع الخبر ونحوه تدلّ على الاستقرار.
السادس : حرف الاستثناء ، وهو «خلا» و «عدا» و «حاشا» ، إذا خفضن ؛ فإنهن لتنحية الفعل عما دخلن عليه ، كما أن «إلّا» كذلك ، وذلك عكس معنى التعدية الذي هو إيصال معنى الفعل إلى الاسم. ولو صحّ أن يقال : إنها متعلّقة لصحّ ذلك في «إلّا» ، وإنما خفض بهنّ المستثنى ولم ينصب كالمستثنى بـ «إلّا» لئلا يزول الفرق بينهن أفعالا وأحرفا.
حكمهما بعد المعارف والنكرات
حكمهما بعدهما حكم الجمل ؛ فهما صفتان في نحو : «رأيت طائرا فوق غصن ، أو على غصن» ؛ لأنهما بعد نكرة محضة ، وحالان في نحو : «رأيت الهلال بين السّحاب ، أو في الأفق» ، لأنهما بعد معرفة محضة ؛ ومحتملان لهما في نحو : «يعجبني الزّهر في أكمامه ، والثمر على أغصانه» ، لأن المعرّف الجنسيّ كالنكرة ، وفي نحو : «هذا ثمر يانع على أغصانه» ، لأن النكرة الموصوفة كالمعرفة.