تنبيهات ـ الأول : يحتمل قول المتنبي يذكر دار المحبوب [من المنسرح] :
٥٧٣ ـ ظلت بها تنطوي على كبد |
|
نضيجة فوق خلبها يدها (١) |
أن تكون «اليد» فيه فاعلة بـ «نضيجة» ، أو بالظّرف ، أو بالابتداء ، والأوّل أبلغ ، لأنه أشدّ للحرارة ، و «الخلب» : زيادة الكبد ، أو حجاب القلب ، أو ما بين الكبد والقلب ، وأضاف «اليد» إلى «الكبد» للملابسة بينهما ؛ فإنهما في الشخص.
ولا خلاف في تعيّن الابتداء في نحو : «في داره زيد» لئلّا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة.
فإن قلت «في داره قيام زيد» لم يجزها الكوفيّون ألبتة ، أما على الفاعلية فلما قدّمنا ، وأما على الابتدائية فلأنّ الضمير لم يعد على المبتدأ ، بل على ما أضيف إليه المبتدأ ، والمستحقّ للتقديم إنما هو المبتدأ ؛ وأجازه البصريون على أن يكون المرفوع مبتدأ ، لا فاعلا ، كقولهم : «في أكفانه درج الميت» ، وقوله [من الطويل] :
بمسعاته هلك الفتى أو نجاته
وإذا كان الاسم في نيّة التقديم كان ما هو من تمامه كذلك.
والأرجح تعيين الابتدائيّة في نحو : «هل أفضل منك زيد» لأن اسم التفضيل لا يرفع الفاعل الظاهر عند الأكثر على هذا الحدّ ، وتجوز الفاعليّة في لغة قليلة.
ومن المشكل قوله [من الوافر] :
٥٧٤ ـ فخير نحن عند النّاس منكم |
|
[إذا الدّاعي المثوّب قال يا لا](٢) |
لأن قوله : «نحن» إن قدّر فاعلا لزم إعمال الوصف غير معتمد ، ولم يثبت ، وعمل «أفعل» في الظاهر في غير مسألة الكحل وهو ضعيف ؛ وإن قدّر مبتدأ لزم الفصل به وهو أجنبي بين «أفعل» و «من» ؛ وخرّجه أبو علي ـ وتبعه ابن خروف ـ على أن لا وصف خبر لـ «نحن» محذوفة ، وقدّر «نحن» المذكورة توكيدا للضمير في أفعل.
__________________
(١) البيت من البحر المنسرح ، انظر : خلاصة الأثر ٣ / ٢١.
(٢) البيت من الوافر ، وهو لزهير بن مسعود الضبي في تخليص الشواهد ص ١٨٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ٦ ، والدرر ٣ / ٤٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٩٥ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٢٠ ، ونوادر أبي زيد ص ٢١ ، وبلا نسبة في الخصائص ١ / ٢٧٦.