كلمة واحدة واحتجّ بقولهم : «القلم أحد اللسانين» ، ونحوه لم يحتج إلى ذلك. وفي الآية وجه آخر ، وهو أن يقدّر «من» مفعولا به ، و «الغيب» بدل اشتمال ، و «الله» فاعل ، والاستثناء مفرغ.
تعيين موضع التقدير
الأصل أن يقدّر مقدّما عليهما كسائر العوامل مع معمولاتها ، وقد يعرض ما يقتضي ترجيح تقديره مؤخّرا ، وما يقتضي إيجابه.
فالأول نحو : «في الدار زيد» لأن المحذوف هو الخبر ، وأصله أن يتأخر عن المبتدأ.
والثاني نحو : «إن في الدار زيدا» لأن «إنّ» لا يليها مرفوعها.
ويلزم من قدّر المتعلّق فعلا أن يقدّره متأخرا في جميع المسائل ، لأن الخبر إذا كان فعلا لا يتقدّم على المبتدأ.
تنبيه ـ ردّ جماعة منهم ابن مالك على من قدّر الفعل بنحو قوله تعالى : (إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا) [يونس : ٢١] ، وقولك : «أمّا في الدّار فزيد» لأن «إذا» الفجائية لا يليها الفعل ، و «أمّا» لا يقع بعدها فعل إلا مقرونا بحرف الشرط ، نحو : (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (٨٨) [الواقعة : ٨٨] ، وهذا على ما بيّناه غير وارد ، لأن الفعل يقدّر مؤخرا.