الضمير فاستتر فيه ؛ ونظيره أن تقول : «زيد هو الفاضل» ، وتقدّر «هو» مبتدأ ثانيا لا فصلا ولا تابعا ؛ فيجوز لك حينئذ أن تدخل عليه «كان» ، فتقول : «زيد كان الفاضل».
ويجب الحكم بابتدائيّة المؤخّر في نحو : «أبو حنيفة أبو يوسف». وقال [من الطويل] :
٥٧٧ ـ بنونا بنو أبنائنا وبناتنا |
|
بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد (١) |
رعيا للمعنى ، ويضعف أن تقدّر الأول مبتدأ بناء على أنه من التشبيه المعكوس للمبالغة ، لأن ذلك نادر الوقوع ، ومخالف للأصول ، اللهمّ إلا أن يقتضي المقام المبالغة ، والله أعلم.
ما يعرف به الاسم من الخبر
اعلم أن لهما ثلاث حالات :
إحداها : أن يكونا معرفتين ، فإن كان المخاطب يعلم أحدهما دون الآخر فالمعلوم الاسم والمجهول الخبر ؛ فيقال : «كان زيد أخا عمرو» لمن علم «زيدا» وجهل أخوّته لـ «عمرو» ، و «كان أخو عمرو زيدا» لمن يعلم أخا لـ «عمرو» ويجهل أن اسمه «زيد» ، وإن كان يعلمهما ويجهل انتساب أحدهما إلى الآخر : فإن كان أحدهما أعرف ، فالمختار جعله الاسم ، فتقول : «كان زيد القائم» لمن كان قد سمع بـ «زيد» وسمع برجل قائم ، فعرف كلّا منهما بقلبه ، ولم يعلم أن أحدهما هو الآخر ، ويجوز قليلا «كان القائم زيدا».
وإن لم يكن أحدهما أعرف ، فأنت مخيّر ، نحو : «كان زيد أخا عمرو» و «كان أخو عمرو زيدا». ويستثنى من مختلفي الرتبة ، نحو : «هذا» فإنه يتعيّن للاسمية لمكان التنبيه المتّصل به ، فيقال : «كان هذا أخاك ، وكان هذا زيدا» إلا مع الضمير ، فإن الأفصح في باب المبتدأ أن تجعله المبتدأ وتدخل التنبيه عليه ؛ فتقول «هأنذا» ولا يتأتى ذلك في باب النّاسخ ؛ لأن الضمير متّصل بالعامل ؛ فلا يتأتّى دخول التنبيه عليه ، على أنه سمع قليلا في باب المبتدأ «هذا أنا».
واعلم أنهم حكموا لـ «أن» و «أنّ» المقدّرتين بمصدر معرف بحكم الضمير ؛ لأنه لا يوصف كما أن الضمير كذلك ؛ فلهذا قرأت السبعة (ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا) [الجاثية :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في خزانة الأدب ١ / ٤٤٤ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٦٦ ، وأوضح المسالك ١ / ١٠٦ ، وشرح الأشموني ١ / ٩٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٤٨.