والثالث : أن البيان يتصوّر مع كون المكرّر مجرّدا ، وذلك في مثل قولك : «يا زيد زيد» إذا قلته وبحضرتك اثنان اسم كلّ منهما «زيد» ، فإنك لما تذكر الأوّل يتوهّم كل منهما أنه المقصود ، فإذا كرّرته تكرّر خطابك لأحدهما وإقبالك عليه فظهر المراد ، وعلى هذا يتخرّج قول النحويين في قول رؤبة [من الرجز] :
٥٨٨ ـ إنّي وأسطار سطرن سطرا |
|
لقائل : يا نصر نصر نصرا (١) |
إنّ الثاني والثالث عطفان على اللفظ وعلى المحلّ ، وخرّجه هؤلاء على التوكيد اللفظي فيهما أو في الأوّل فقط ، فالثاني إمّا مصدر دعائيّ مثل : «سقيا لك» ، أو مفعول به بتقدير : عليك ، على أن المراد إغراء نصر بن سيّار بحاجب له اسمه نصر على ما نقل أبو عبيدة ، وقيل : لو قدّر أحدهما توكيدا لضمّا بغير تنوين كالمؤكد.
السابع : أنه ليس في نيّة إحلاله محلّ الأول ، بخلاف البدل ، ولهذا امتنع البدل وتعيّن البيان في نحو : «يا زيد الحارث» ، وفي نحو : «يا سعيد كرز» بالرفع ، أو «كرزا» بالنصب ، بخلاف «يا سعيد كرز» بالضم فإنّه بالعكس ، وفي نحو : «أنا الضارب الرّجل زيد» ، وفي نحو : «زيد أفضل النّاس الرجال والنساء ، أو النساء والرجال» ، وفي نحو : «يا أيها الرجل غلام زيد» ، وفي نحو : «أيّ الرجلين زيد وعمرو جاءك» ، وفي نحو : «جاءني كلا أخويك زيد وعمرو».
الثامن : أنه ليس في التّقدير من جملة أخرى ، بخلاف البدل ، ولهذا امتنع أيضا البدل وتعيّن البيان في نحو قولك : «هند قام عمرو أخوها» ، ونحو : «مررت برجل قام عمرو أخوه» ، ونحو : «زيد ضربت عمرا أخاه».
ما افترق فيه اسم الفاعل والصفة المشبهة
وذلك أحد عشر أمرا :
أحدها : أنه يصاغ من المتعدّي والقاصر ، كـ «ضارب» و «قائم» و «مستخرج» و «مستكبر» ، وهي لا تصاغ إلا من القاصر كـ «حسن» و «جميل».
__________________
(١) البيت من الرجز ، وهو لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٧٤ ، ولسان العرب مادة (نصر) ، وخزانة الأدب ٢ / ٢١٩ ، ولذي الرمة في شرح شذور الذهب ص ٥٦٤ ، وليس في ديوانه وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤ / ٨٦ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٤٧.