يقم أقم معه» ، والأصحّ أنّ الخبر فعل الشرط لا فعل الجواب ؛ وإن وقع بعدها فعل متعدّ فإن كان واقعا عليها فهي مفعول به ، نحو : (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) [غافر : ٨١] ، ونحو : (أَيًّا ما تَدْعُوا) [الإسراء : ١١٠] ، ونحو : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ) [الأعراف : ١٨٦] ، وإن كان واقعا على ضميرها ، نحو : «من رأيته» ، أو متعلّقها ، نحو : «من رأيت أخاه» فهي مبتدأة أو منصوبة بمحذوف مقدّر بعدها يفسّر المذكور.
تنبيه ـ إذا وقع اسم الشّرط مبتدأ ، فهل خبره فعل الشرط وحده لأنه اسم تام ، وفعل الشرط مشتمل على ضميره ، فقولك : «من يقم» لو لم يكن فيه معنى الشرط لكان بمنزلة قولك : «كلّ من النّاس يقوم» ، أو فعل الجواب لأن الفائدة به تمّت ، ولالتزامهم عود ضمير منه إليه على الأصحّ ، ولأن نظيره وهو الخبر في قولك : «الذي يأتيني فله درهم» ، أو مجموعها لأنّ قولك : «من يقم أقم معه» بمنزلة قولك : «كل من الناس إن يقم أقم معه»؟ والصّحيح الأول ، وإنما توقّفت الفائدة على الجواب من حيث التعلّق فقط ، لا من حيث الخبرية.
مسوعات الابتداء بالنكرة
لم يعوّل المتقدمون في ضابط ذلك إلّا على حصول الفائدة ، ورأى المتأخّرون أنه ليس كلّ أحد يهتدي إلى مواطن الفائدة ، فتتبّعوها ، فمن مقلّ مخلّ ، ومن مكثر مورد ما لا يصلح أو معدّد لأمور متداخلة. والذي يظهر لي أنها منحصرة في عشرة أمور :
أحدها : أن تكون موصوفة لفظا أو تقديرا أو معنى ؛ فالأول نحو : (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) [الأنعام : ٢] ، (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) [البقرة : ٢٢١] ، وقولك : «رجل صالح جاءني». ومن ذلك قولهم : «ضعيف عاذ بقرملة» إذ الأصل : رجل ضعيف ، فالمبتدأ في الحقيقة هو المحذوف ، وهو موصوف ، والنحويون يقولون : يبتدأ بالنكرة إذا كانت موصوفة أو خلفا من موصوف والصواب ما بيّنت. وليست كل صفة تحصّل الفائدة ؛ فلو قلت : «رجل من الناس جاءني» لم يجز ؛ والثاني نحو قولهم : «السّمن منوان بدرهم» ، أي منوان منه ، وقولهم : «شرّ أهرّ ذا ناب». و [من الكامل]:
٦٠٣ ـ قدر أحلّك ذا المجاز وقد أرى |
|
وأبيّ ما لك ذو المجاز بدار (١) |
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو للمؤرخ السلمي في خزانة الأدب ٤ / ٤٦٧ ، ومعجم ما استعجم ص ٦٣٥ ، وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢ / ٨٦٢ ، ولسان الغرب ٥ / ٧٤ مادة / قدر /.