عطف الخبر على الإنشاء ، وبالعكس
منعه البيانيّون ، وابن مالك في شرح باب المفعول معه من كتاب التّسهيل ، وابن عصفور في شرح الإيضاح ، ونقله عن الأكثرين ، وأجازه الصفار ـ بالفاء ـ تلميذ ابن عصفور ، وجماعة ، مستدلّين بقوله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [البقرة : ٢٣ ـ ٢٥] في سورةالبقرة ، (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [الصف : ١٠ ـ ١٣] في سورةالصف ، قال أبو حيان : وأجاز سيبويه «جاءني زيد ومن عمرو العاقلان» على أن يكون «العاقلان» خبرا لمحذوف ، ويؤيده قوله [من الطويل] :
٦٢٨ ـ وإنّ شفائي عبرة مهراقة |
|
وهل عند رسم دارس من معوّل؟ (١) |
وقوله [من الطويل] :
٦٢٩ ـ تناغي غزالا عند باب ابن عامر |
|
وكحّل أماقيك الحسان بإثمد (٢) |
واستدل الصفار بهذا البيت ، وقوله [من الطويل] :
٦٣٠ ـ وقائلة خولان فانكح فتاتهم |
|
[وأكرومة الحيّين خلو كما هيا](٣) |
فإن تقديره عند سيبويه : هذه خولان.
وأقول : أمّا آيةالبقرة فقال الزّمخشري : ليس المعتمد بالعطف الأمر حتى يطلب له مشاكل ، بل المراد عطف جملة ثواب المؤمنين على جملة عذاب الكافرين ، كقولك : «زيد يعاقب بالقيد وبشّر فلانا بالإطلاق» ، وجوّز عطفه على (اتقوا) ، وأتمّ من كلامه في الجواب الأول أن يقال : المعتمد بالعطف جملة الثواب كما ذكر ، ويزاد عليه فيقال : والكلام منظور فيه إلى المعنى الحاصل منه ، وكأنه قيل : والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنّات ، فبشّرهم بذلك ؛ وأما الجواب الثّاني ففيه نظر ، لأنه لا يصحّ أن يكون جوابا للشرط ؛ إذ ليس الأمر بالتبشير مشروطا بعجز الكافرين على الإتيان بمثل القرآن ، ويجاب
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ، وخزانة الأدب ٣ / ٤٤٨ ، والدرر ٥ / ١٣٩ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٥٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٧٢.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص ١٣٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٧ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٣٤.
(٣) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في الأزهية ص ٢٤٣ ، وأوضح المسالك ٢ / ١٦٣ ، والجنى الداني ص ٧١ ، وخزانة الأدب ١ / ٣١٥ ، والدرر ٢ / ٣٦ ، والرد على النحاة ص ١٠٤.