مالك ؛ ومما خرّجوا على ذلك قولهم : «اللهمّ صلّ عليه الرّؤوف الرّحيم». وقال الكسائي : هو نعت ، والجماعة يأبون نعت الضمير ، وقوله [من الرجز] :
٦٣٧ ـ قد أصبحت بقرقرى كوانسا |
|
فلا تلمه أن ينام البائسا (١) |
وقال سيبويه : هو بإضمار «أذمّ» ، وقولهم : «قاما أخواك» ، و «قاموا إخوتك» ، و «قمن نسوتك» ؛ وقيل : على التّقديم والتأخير ؛ وقيل : الألف والواو والنون أحرف كالتاء في «قامت هند» وهو المختار.
والسابع : أن يكون متّصلا بفاعل مقدّم ، ومفسّره مفعول مؤخّر ، كـ «ضرب غلامه زيدا» أجازه الأخفش وأبو الفتح وأبو عبد الله الطّوال من الكوفيّين ، ومن شواهده قول حسان [من الطويل] :
٦٣٨ ـ ولو أنّ مجدا أخلد الدّهر واحدا |
|
من النّاس أبقى مجده الدّهر مطعما (٢) |
وقوله [من الطويل] :
٦٣٩ ـ كسا حلمه ذا الحلم أثواب سؤدد |
|
ورقّى نداه ذا النّدى في ذرى المجد (٣) |
والجمهور يوجبون في ذلك في النثر تقديم المفعول ، نحو : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ) [البقرة : ١٢٤] ، ويمتنع بالإجماع نحو : «صاحبها في الدار» لاتّصال الضمير بغير الفاعل ، ونحو : «ضرب غلامها عبد هند» لتفسيره بغير المفعول ؛ والواجب فيهما تقديم الخبر والمفعول ؛ ولا خلاف في جواز نحو : «ضرب غلامه زيد». وقال الزمخشري في : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا) الآية ، في قراءة أبي عمرو (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ) [آل عمران : ١٨٨] بالغيبة وضمّ آخر الفعل : إن الفعل مسند لـ «الذين يفرحون» واقعا على ضميرهم محذوفا ، والأصل : لا يحسبنّهم الذين يفرحون بمفازة ، أي : لا يحسبنّ أنفسهم الذين يفرحون فائزين ، و (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ) توكيد ؛ وكذا قال في قراءة هشام : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً) [آل عمران : ١٦٩] بالغيبة : إن التّقدير : ولا يحسبنّهم ، و «الذين» فاعل ؛ وردّه أبو حيان باستلزامه عود الضّمير على المؤخّر ، وهذا غريب جدّا ، فإن هذا المؤخّر
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص ٢٤٣ ، والاشتقاق ص ٨٨ ، وتخليص الشواهد ص ٤٨٩ ، وتذكرة النحاة ص ٣٦٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٧٥.
(٣) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٤٩٠ ، وتذكرة النحاة ص ٣٦٤ ، والدرر ١ / ٢١٨ ، وشرح الأشموني ١ / ١٧٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٧٥.