روابط الجملة بما هي خبر عنه
وهي عشرة :
أحدها الضمير ، وهو الأصل ، ولهذا يربط به مذكورا كـ «زيد ضربته» ، ومحذوفا مرفوعا ، نحو : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) [طه : ٦٣] ، إن قدّر : «لهما ساحران» ، ومنصوبا كقراءة ابن عامر في سورةالحديد (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) [الحديد : ١٠] ، ولم يقرأ بذلك في سورة النساء ، بل قرأ بنصب (كل) كالجماعة ، لأن قبله جملة فعلية وهي (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ) [النساء : ٩٥] فساوى بين الجملتين في الفعليّة ، بل بين الجمل ، لأن بعده و (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ) [النساء : ٩٥] وهذا مما أغفلوه ، أعني التّرجيح باعتبار ما يعطف على الجملة ، فإنهم ذكروا رجحان النّصب على الرّفع في باب الاشتغال في نحو : «قام زيد وعمرا أكرمته» للتناسب ، ولم يذكروا مثل ذلك في نحو : «زيد ضربته وأكرمت عمرا» ولا فرق بينهما ، وقول أبي النجم [من الرجز] :
٤١ ـ [قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي |
|
عليّ ذنبا] كلّه لم أصنع (١) |
ولو نصب «كل» على التوكيد لم يصحّ ؛ لأن «ذنبا» نكرة ، أو على المفعوليّة كان فاسدا معنى ، لما بينّاه في فصل «كل» ، وضعيفا صناعة ، لأن حقّ «كل» متّصلة بالضمير أن لا تستعمل إلا توكيدا أو مبتدأ ، نحو : (إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) [آل عمران : ١٥٤] قرىء بالنصب والرفع ؛ وقراءة جماعة (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) [المائدة : ٥٠] بالرفع ، ومجرورا ، نحو : «السّمن منوان بدرهم» أي : منه ؛ وقول امرأة : «زوجي المسّ مسّ أرنب والرّيح ريح زرنب» إذا لم نقل إن «أل» نائبة عن الضمير ؛ وقوله تعالى : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (٤٣) [الشورى : ٤٣] أي : إن ذلك منه ، ولا بدّ من هذا التقدير ، سواء أقدّرنا اللام للابتداء و «من» موصولة أو شرطيّة ، أم قدّرنا اللام موطّئة و «من» شرطية. أما على الأول فلأن الجملة خبر ؛ وأما على الثاني فلأنه لا بدّ في جواب اسم الشرط المرتفع بالابتداء من أن يشتمل على ضمير ، سواء قلنا : إنّه الخبر أو إن الخبر فعل الشرط وهو الصّحيح ؛ وأما الثالث فلأنها جواب القسم في اللفظ ، وجواب الشّرط في المعنى. وقول أبي البقاء والحوفي : «إن الجملة جواب الشرط» مردود ، لأنّها اسمية ، وقولهما : «إنها على إضمار الفاء» مردود ، لاختصاص ذلك بالشعر ، ويجب على قولهما أن تكون اللام للابتداء ، لا للتوطئة.
__________________
(١) تقدم تخريجه.