قول ابن عصفور السابق أن يكون مبتدأ حذف خبره ، ولم يقل به هنا ، لأنه يرى أن «حبّذا» اسم. وقيل : بدل من «ذا» ، ويردّه أنه لا يحلّ محل الأول ، وأنه لا يجوز الاستغناء عنه ؛ وقيل : عطف ، ويردّه قوله [من البسيط] :
٧٢٢ ـ وحبّذا نفحات من يمانية |
|
[تأتيك من قبل الرّيّان أحيانا](١) |
ولا تبيّن المعرفة بالنكرة باتفاق ، وإذا قيل «حبّذا» اسم للمحبوب فهو مبتدأ و «زيد» خبر ، أو بالعكس عند من يجيز في قولك : «زيد الفاضل» وجهين ؛ وإذا قيل بأن «حبذا» كلّه فعل فـ «زيد» فاعل ، وهذا أضعف ما قيل ، لجواز حذف المخصوص ، كقوله [من الطويل] :
٧٢٣ ـ ألا حبّذا ـ لولا الحياء ـ وربّما |
|
منحت الهوى ما ليس بالمتقارب (٢) |
والفاعل لا يحذف.
مسألة ـ يجوز في نحو (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) [يوسف : ١٨ ، ٨٣] ابتدائيّة كل منهما وخبريّة الآخر ، أي : شأني صبر جميل ، أو صبر جميل ، أو صبر جميل أمثل من غيره.
باب «كان» وما جرى مجراها
مسألة ـ يجوز في «كان» من نحو : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) [ق : ٣٧] ، ونحو : «زيد كان له مال» نقصان «كان» ، وتمامها ، وزيادتها هو أضعفها. قال ابن عصفور : باب زيادتها الشّعر ، والظرف متعلّق بها على التّمام ، وباستقرار محذوف مرفوع على الزيادة ، ومنصوب على النّقصان ، إلا أن قدّرت الناقصة شأنية فالاستقرار مرفوع لأنه خبر المبتدأ.
* * *
مسألة ـ (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ) [النمل : ٥١] يحتمل في «كان» الأوجه الثلاثة ، إلا أن الناقصة لا تكون شأنية ، لأجل الاستفهام ، ولتقدم الخبر ، و «كيف» : حال على التمام ، وخبر لـ «كان» على النّقصان ، وللمبتدأ على الزّيادة.
__________________
(١) البيت من البسيط وهو لجرير في ديوانه ص ١٦٥ ، والدرر ٥ / ٢٢٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧١٣ ، ولسان العرب ١ / ٢٩١ مادة / حبب /.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لمرار بن هماس في الدرر ٥ / ٢٢٣ ، وشرح شواهد المغني ص ٨٩٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٤ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٣٨٢.