وفي «ما إن زيد بقائم».
* * *
مسألة ـ «لا رجل ولا امرأة في الدّار» إن رفعت الاسمين فهما مبتدآن على الأرجح ، أو اسمان لـ «لا» الحجازيّة ؛ فإن قلت : «لا زيد ولا عمرو في الدار» تعيّن الأول ؛ لأن «لا» إنما تعمل في النكرات ؛ فإن قلت «لا رجل في الدار» تعيّن الثاني ، لأن «لا» إذا لم تتكرّر يجب أن تعمل ؛ ونحو : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) [البقرة : ١٩٧] إن فتحت الثلاثة فالظرف للجميع عند سيبويه ، ولواحد عند غيره ؛ ويقدّر للآخرين ظرفان ، لأن «لا» المركبة عند غيره عاملة في الخبر ، ولا يتوارد عاملان على معمول واحد ، فكيف عوامل؟ وإن رفعت الأوّلين فإن قدّرت «لا» معهما حجازيّة تعيّن عند الجميع إضمار خبرين إن قدرت «لا» الثانية كالأولى ، وخبرا واحدا إن قدرتها مؤكّدة لها وقدرت الرفع بالعطف ، وإنما وجب التقدير في الوجهين لاختلاف خبري الحجازية والتّبرئة ، بالنصب والرفع ؛ فلا يكون خبر واحد لهما ، وإن قدرت الرفع بالابتداء فيهما ـ على أنهما مهملتان ـ قدرت عند غير سيبويه خبرا واحدا للأوّلين أو للثالث كما تقدّر في «زيد وعمرو قائم» خبرا للأول أو للثاني ، ولم يحتج لذلك عند سيبويه.
باب المنصوبات المتشابهة
ما يحتمل المصدرية والمفعوليّة ـ من ذلك نحو : (وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) [النساء : ٧٧] ، (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) [النساء : ١٢٤] ، أي : ظلما ما أو خيرا ما ، أي : لا تنقصونه مثل (وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً) [الكهف : ٣٣] ، ومن ذلك (ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً) [التوبة : ٤] ، أي : نقصا أو خيرا ؛ وأما (وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً) [التوبة : ٣٩] فمصدر ، لاستيفاء «ضرّ» مفعوله ؛ وأما (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) [البقرة : ١٧٨] فـ «شيء» قبل ارتفاعه مصدر أيضا ، لا مفعول به ، لأن «عفا» لا يتعدّى.
ما يحتمل المصدريّة والظرفيّة والحاليّة ـ من ذلك «سرت طويلا» أي : سيرا طويلا ، أو زمنا طويلا ؛ أو سرته طويلا ، ومنه (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) (٣١) [ق : ٣١] أي : إزلافا غير بعيد ، أو زمنا غير بعيد ، أو أزلفته الجنة ـ أي : الإزلاف ـ في حالة كونه غير بعيد ، إلّا أن هذه الحال مؤكّدة ؛ وقد يجعل حالا من «الجنة» فالأصل غير بعيدة ؛ وهي أيضا حال مؤكّدة ، ويكون التذكير على هذا مثله في (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) [الشورى : ١٧].