وضعف قول الفارسي ومن وافقه (وَاللَّائِي يَئِسْنَ) [الطلاق : ٤] الآية : إن الأصل : واللاء لم يحضن فعدّتهن ثلاثة أشهر ، والأولى أن يكون الأصل : واللاء لم يحضن كذلك.
وكذلك ينبغي أن يقدّر في نحو : «زيد صنع بعمرو جميلا وبخالد سوءا وبكر» أي كذلك ، ولا يقدّر عين المذكور ، تقليلا للمحذوف ، ولأن الأصل في الخبر الإفراد ، ولأنّه لو صرّح بالخبر لم يحسن إعادة ذلك المتقدّم لثقل التكرار.
ولك أن لا تقدّر في الآية شيئا ألبتة ؛ وذلك بأن تجعل الموصول معطوفا على الموصول ، فيكون الخبر المذكور لهما معا ؛ وكذا تصنع في نحو : «زيد في الدّار وعمرو». ولا يتأتّى ذلك في المثال السابق ، لأن إفراد فاعل الفعل يأباه ؛ نعم ، لك أن تسلم فيه من الحذف ، بأن تقدّر العطف على ضمير الفعل لحصول الفصل بينهما.
فإن قلت : لو صحّ ما ذكرته في الآية والمثال السّابق ، لصحّ «زيد قائمان وعمرو» بتقدير : زيد وعمرو قائمان.
قلت : إن سلّم منعه فلقبح اللفظ ، وهو منتف فيما نحن بصدده ، ولكن يشهد للجواز قوله [من الطويل] :
٨٠٢ ـ ولست مقرّا للرّجال ظلامة |
|
أبى ذاك عمّي الأكرمان وخاليا (١) |
وقد جوّزوا في «أنت أعلم وزيد» كون «زيد» مبتدأ حذف خبره ، وكونه عطفا على «أنت» ؛ فيكون خبرا عنهما.
باب كيفيّة التّقدير
إذا استدعى الكلام تقدير أسماء متضايفة أو موصوفة ، وصفة مضافة ، أو جارّ ومجرور مضمر عائد على ما يحتاج إلى الرّابط ، فلا تقدّر أنّ ذلك حذف دفعة واحدة ، بل على التدريج.
فالأول نحو : (كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ) [الأحزاب : ١٩] أي : كدوران عين الذي.
والثاني كقوله [من الطويل] :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في الدرر ٦ / ١٧ ، وشرح الأشموني ص ٣٩٢.