ـ حرف السين المهملة ـ
* السين المفردة : حرف يختصّ بالمضارع ، ويخلّصه للاستقبال ، وينزل منه منزلة الجزء ؛ ولهذا لم يعمل فيه مع اختصاصه به ، وليس مقتطعا من «سوف» خلافا للكوفيّين ،
______________________________________________________
(حرف السين المهملة)
(السين المهملة حرف يختص به المضارع) فلا يوجد في غيره أصلا (ويخلصه للاستقبال) بعد أن كان قبل وجوده صالحا له للحال ، فإن قلت : يقدح في ذلك قول الشاعر :
فإني لست خاذلكم ولكن |
|
سأسعى الآن إذ بلغت مناها (١) |
فإن الآن للزمن الحاضر فيدفع الاستقبال ، قلت : قد اعتذر عنه بأن مراده بالآن التقريب قال في «الجنى الداني» وقد لا يحتاج إلى التأويل بالتقرب بل يقال : إنه مقدر بمن كأنه قال : سأسعى من الآن قلت : فيستحيل المعنى حينئذ ؛ لأن السعي مستقبل بشهادة السين فكيف يكون ابتداؤه زمانا خاليا ، وما هو إلا بمنزلة أن يقال سأسير غدا من الآن مريدا بالآن حقيقته من غير تأويل ، واستحالته ظاهرة (ويتنزل منه منزلة الجزء) فكأنه بعض أجزاء المضارع (ولهذا لم يعمل فيه مع اختصاصه به) وكل حرف اختص باسم أو فعل عمل فيه ، فتخلف العمل هنا لهذا العارض (وليس مقتطعا من سوف خلافا للكوفيين) فإنهم ادّعوا أن السين في نحو : سيقوم زيد مأخوذ من سوف ، فالتنفيس في الحقيقة إنما هو بسوف ، ولكن حذف ما عدا صدرها تخفيفا ورجح ابن مالك مذهبهم بأنا قد اجتمعنا على أن سف وسو وسي فروع سوف ، فلتكن السين فرعها لئلا يلزم التخصيص من غير مخصص ، قال وقال بعضهم : لو كانت السين بعض سوف لكانت مدة التسويف بهما سواء ، وليس كذلك بل هي بسوف أطول فكانت كل واحدة أصلا برأسها ، وزيفه ابن مالك بأنها دعوى مردودة بالقياس والسماع.
أما القياس فهو أن الماضي والمستقبل متقابلان ، والماضي إنما يقصد به مطلق المضي دون تعرض لقرب الزمان وبعده ، فينبغي أن لا يقصد بالمستقبل إلا مطلق الاستقبال دون تعرض لقرب الزمان ، وبعده ليجري المتقابلان على سنن واحد ، والقول بتوافق سيفعل وسوف يفعل مصحح لذلك ، فكان المصير إليه أولى.
وأما السماع فتعاقب سيفعل وسوف يفعل على المعنى الواحد في وقت واحد ، قال الله
__________________
(١) البيت من البحر الوافر ، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص ٥٩ ، ورصف المباني ص ٣٩٧. ا ه. انظر : المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية ٨ / ٢٨٢.