لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) [الإسراء : ٨٨] ، إذ لو كان الجواب للثاني لجزم ، فقلنا بذلك في نحو : «إن أكلت إن شربت فأنت طالق» ، وفي (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ) [الواقعة : ٨٨ ـ ٨٩] ، ونحو : (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ) [الفتح : ٢٥] ، ثم قال تعالى : (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا) [الفتح : ٢٥] ، وانبنى على ذلك في المثال أنها لا تطلق حتى تؤخّر المقدّم وتقدّم المؤخّر ، إذ التقدير : إن أكلت فأنت طالق إن شربت ؛ وجواب الثاني في هذا الكلام من حيث المعنى هو الشرط الأول وجوابه ؛ كما أن الجواب من حيث المعنى في «أنت ظالم إن فعلت» ما تقدم على اسم الشرط ، بل قال جماعة : إنه الجواب في الصناعة أيضا.
ومن ذلك قوله [من الطويل] :
٨١٣ ـ [فمن يك أمسى بالمدينة رحله] |
|
فإنّي وقيّار بها لغريب (١) |
وقد تكلّف بعضهم في البيت الأول ، فزعم أن «نحن» للمعظّم نفسه ، وأنّ «راض» خبر عنه ، ولا يحفظ مثل «نحن قائم» بل يجب في الخبر المطابقة نحو : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)) [الصافات : ١٦٥ ـ ١٦٦] ، وأما (قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) [المؤمنون : ٩٩] فأفرد ، ثم جمع لأن غير المبتدأ والخبر لا يجب لهما من التطابق ما يجب لهما.
ذكر أماكن من الحذف يتمرّن بها المعرب
حذف الاسم المضاف ـ (وَجاءَ رَبُّكَ) [الفجر : ٢٢] ، (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ) [النحل : ٢٦] أي : أمره ، لاستحالة الحقيقي ؛ فأما (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) [البقرة : ١٧] فالباء للتّعدية ، أي : أذهب الله نورهم.
ومن ذلك ما نسب فيه حكم شرعيّ إلى ذات ، لأن الطلب لا يتعلّق إلا بالأفعال ، نحو : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) [النساء : ٢٣] أي : استمتاعهنّ ، (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) [المائدة : ٣] ، أي : أكلها ، (حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ) [النساء : ١٦٠] أي : تناولها ، لا أكلها ، ليتناول شرب ألبان الإبل ، (حُرِّمَتْ ظُهُورُها) [الأنعام : ١٣٨] أي : منافعها ، ليتناول الركوب والتّحميل ، ومثله (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ) [الحج : ٣٠].
ومن ذلك ما علق فيه الطلب بما قد وقع ، نحو : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة : ١] ، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ) [النحل : ٩١] ، فإنهما قولان قد وقعا فلا يتصوّر فيهما نقض ولا وفاء ،
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لضابىء بن الحارث البرجمي في الأصمعيات ص ١٨٤ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٢٦ والدرر ٦ / ١٨٢ ، وشرح شواهد المغني ص ٨٦٧ ، ولسان العرب ٥ / ١٢٥ مادة / قير /.