(وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ) [النساء : ١٥٠] ، ونحو : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] أي : والبرد ؛ وقد يكون اكتفى عن هذا بقوله سبحانه وتعالى في أول السورة (لَكُمْ فِيها دِفْءٌ) [النحل : ٥] ، (وَلَهُ ما سَكَنَ) [الأنعام : ١٣] أي : وما تحرك ؛ وإذا فسّر «سكن» بـ «استقرّ» لم يحتج إلى هذا ، (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) [البقرة : ١٩٦] أي : فإن أحصرتم فحللتم ، (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ) [البقرة : ١٩٦] أي : فحلق ففدية ، (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) [الأنعام : ١٥٨] ، أي : إيمانها وكسبها ؛ والآية من اللفّ والنشر ؛ وبهذا التقدير تندفع شبهة المعتزلة كالزمخشري وغيره ، إذ قالوا : سوّى الله تعالى بين عدم الإيمان وبين الإيمان الذي لم يقترن بالعمل الصّالح في عدم الانتفاع به ؛ وهذا التأويل ذكره ابن عطيّة وابن الحاجب.
ومن القليل حذف «أم» ومعطوفها كقوله [من الطويل] :
٨٢٦ ـ [دعاني إليها القلب ، إنّي لأمره |
|
مطيع] فما أدري أرشد طلابها (١) |
أي : أم غيّ ، وقد مرّ البحث فيه.
حذف المعطوف عليه
(اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ) [البقرة : ٦٠] ، أي : فضرب فانفجرت ؛ وزعم ابن عصفور أن الفاء في (فَانْفَجَرَتْ) هي فاء «فضرب» ، وأن فاء (فَانْفَجَرَتْ) حذفت ، ليكون على المحذوف دليل ببقاء بعضه ، وليس بشيء ؛ لأن لفظ الفاءين واحد ، فكيف يحصل الدليل؟ وجوّز الزمخشري ومن تبعه أن تكون فاء الجواب ، أي : فإن ضربت فقد انفجرت ، ويردّه أن ذلك يقتضي تقدّم الانفجار على الضرب مثل (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) [يوسف : ٧٧] ، إلّا إن قيل : المراد فقد حكمنا بترتّب الانفجار على ضربك ؛ وقيل في (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ) [البقرة : ٢١٤ ، آل عمران : ١٤٢] : إنّ «أم» متّصلة ، والتقدير : أعلمتم أن الجنّة حفّت بالمكاره أم حسبتم.
حذف المبدل منه
قيل في (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ) [النمل : ١١٦] ، وفي (كَما أَرْسَلْنا
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في تخليص الشواهد ص ١٤٠ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٥١ ، والدرر ٦ / ١٠٢ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ٤٣ ، وشرح شواهد المغني ص ٢٦.