وبعد ما الخبر صفة له في المعنى ، نحو : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) [التوبة : ١١٢] ، ونحو : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) [البقرة : ١٨ ، ١٧١].
ووقع في غير ذلك أيضا ، نحو : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ) [آل عمران : ١٩٦ ـ ١٩٧] ، (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ) [النساء : ١٧١] ، (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ) [الأحقاف : ٣٥] ، وقد صرح به في (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ) [إبراهيم : ٥٢] ، (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) [النور : ١] أي : هذه سورة ، ومثله قول العلماء : «باب كذا» وسيبويه يصرّح به.
حذف الخبر
(وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة : ٥] أي : حلّ لكم ، (أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها) [الرعد : ٣٥] أي : دائم ؛ وأما (أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ) [البقرة : ١٤٠] فلا حاجة إلى دعوى الحذف كما قيل ؛ لصحّة كون «أعلم» خبرا عنهما ؛ وأما «أنت أعلم ومالك» فمشكل لأنه إن عطف على «أنت» لزم كون «أعلم» خبرا عنهما ؛ أو على «أعلم» لزم كونه شريكه في الخبرية ، أو ضمير «أعلم» لزم أيضا نسبة العلم إليه والعطف على الضمير المرفوع المتصل من غير توكيد ولا فصل ، وإعمال «أفعل» في الظاهر ؛ وإن قدر مبتدأ حذف خبره لزم كون المحذوف «أعلم» ، والوجه فيه أن الأصل : بمالك ، ثم أنيبت الواو مناب الباء قصدا للتّشاكل اللفظيّ ، لا للاشتراك المعنويّ ، كما قصد بالعطف في نحو : (وَأَرْجُلَكُمْ) [المائدة : ٦] فيمن خفض على القول بأن الخفض للجوار ؛ ونظيره «بعت الشّاء شاة ودرهما» والأصل : شاة بدرهم ؛ وقالوا : «النّاس مجزيّون بأعمالهم ، إن خير فخير» أي إن كان في عملهم خير ، فحذفت «كان» وخبرها ، وقال [من الكامل] :
٨٢٧ ـ لهفي عليك للهفة من خائف |
|
يبغي جوارك حين ليس مجير (١) |
أي : ليس له ، وقالوا : «من تأنّى أصاب أو كاد ، ومن استعجل أخطأ أو كاد» ، وقالوا : «إنّ مالا وإنّ ولدا» ، وقال الأعشى [من المنسرح] :
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو للشمردل بن عبد الله الليثي في شرح التصريح ١ / ٢٠٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٢٧ ، وللتميمي الحماسي في الدرر ٢ / ٦٣ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦ / ٨٢ وأوضح المسالك ١ / ٢٨٧ ، وشرح الأشموني ١ / ١٢٦.