حذف الفعل وحده أو مع مضمر مرفوع أو منصوب ، أو معهما
يطرّد حذفه مفسّرا ، نحو : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) [التوبة : ٦] ، (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) (١) [الانشقاق : ١] ، (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ) [الإسراء : ١٠٠] ، والأصل : لو تملكون تملكون ، فلما حذف الفعل انفصل الضمير ، قاله الزمخشري وأبو البقاء وأهل البيان ؛ وعن البصريّين أنه لا يجوز «لو زيد قام» إلا في الشعر أو النّدور ، نحو : «لو ذات سوار لطمتني» ، وقيل : الأصل : لو كنتم ، فحذف «كان» دون اسمها ، وقيل : لو كنتم أنتم ، فحذفا مثل «التمس ولو خاتما من حديد» ، وبقي التوكيد.
ويكثر في جواب الاستفهام ، نحو : (لَيَقُولُنَّ اللهُ) [العنكبوت : ٦١] أي : ليقولن خلقهنّ الله ، وإذا قيل لهم (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) [العنكبوت : ٣٦٠].
وأكثر من ذلك كلّه حذف القول ، نحو : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ) [الرعد : ٢٣ ـ ٢٤] حتى قال أبو علي : حذف القول من حديث البحر قل ولا حرج.
ويأتي حذف الفعل في غير ذلك ، نحو : (انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ) [النساء : ١٧١] ، أي : وأتوا خيرا ؛ وقال الكسائي : يكن الانتهاء خيرا ، وقال الفراء : الكلام جملة واحدة ، و «خيرا» : نعت لمصدر محذوف ، أي : انتهاء خيرا ، (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ) [الحشر : ٩] ، أي : واعتقدوا الإيمان من قبل هجرتهم ؛ وقال [من الرجز] :
٨٣٢ ـ علفتها تبنا وماء باردا |
|
[حتّى غدت همّالة عيناها](١) |
فقيل : التقدير وسقيتها ، وقيل : لا حذف ، بل ضمّن «علفتها» معنى «أنلتها» و «أعطيتها» ، وألزموا صحة نحو «علفتها ماء باردا وتبنا» فالتزموه محتجّين بقول طرفة [من الطويل] :
٨٣٣ ـ [أعمرو بن هند ما ترى رأي صرمة] |
|
لها سبب ترعى به الماء والشّجر (٢) |
وقالوا : «الحمد لله أهل الحمد» بإضمار «أمدح» ؛ وفي التنزيل (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ
__________________
(١) البيت من الرجز ، وهو بلا نسبة في لسان العرب مادة (زجج) ، والأشباه والنظائر ٢ / ١٠٨ ، وأوضح المسالك ٢ / ٢٤٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٠.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٤٧ ، وخزانة الأدب ٣ / ١٤٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٢٩.