وقال المبرّد : الأصل : أفعلها ، ثم حذفت الألف ونقلت حركة الهاء إلى ما قبلها ، وهذا أولى من قول سيبويه ، لأنه أضمر أن في موضع حقّها أن لا تدخل فيه صريحا وهو خبر «كاد» ، واعتدّ بها مع ذلك بإبقاء عملها.
وإذا رفع الفعل بعد إضمار : أن سهل الأمر ، ومع ذلك فلا ينقاس ؛ ومنه : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) [الزمر : ٦٤] ، (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ) [الروم : ٢٤] ، و «تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه» وهو الأشهر في بيت طرفة [من الطويل] :
٨٥٣ ـ ألا أيّها ذا الزّاجري أحضر الوغى |
|
وأن أشهد اللّذات هل أنت مخلدي؟ (١) |
وقرىء أعبد بالنصب كما روي «أحضر» كذلك ، وانتصاب غير في الآية على القراءتين لا يكون بـ «أعبد» لأن الصّلة لا تعمل فيما قبل الموصول ، بل بـ «تأمروني» ، و «أن أعبد» بدل اشتمال منه ، أي : تأمروني بغير الله عبادته.
حذف لام الطلب
هو مطّرد عند بعضهم في نحو : «قل له يفعل» ، وجعل منه (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) [إبراهيم : ٣١] ، (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا) [الإسراء : ٥٣] ، وقيل : هو جواب لشرط محذوف ، أو جواب للطلب ، والحقّ أنّ حذفها مختصّ بالشعر كقوله [من الوافر] :
٨٥٤ ـ محمّد تفد نفسك كلّ نفس |
|
[إذا ما خفت من أمر تبالا](٢) |
حذف حرف الندّاء
نحو : (أَيُّهَ الثَّقَلانِ) [الرحمن : ٣١] ، (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) [يوسف : ٢٩] ، (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ) [الدخان : ١٨] ، وشذّ في اسمي الجنس والإشارة في نحو : «أصبح ليل» وقوله [من الطويل] :
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٣٢ ، والإنصاف ٢ / ٥٦٠ ، وخزانة الأدب ١ / ١١٩ ، ولسان العرب مادة (أنن) ، وبلا نسبة في رصف المباني ص ١١٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٧.
(٢) البيت من الوافر ، وهو لأبي طالب في شرح شذور الذهب ص ٢٧٥ ، وله أو للأعشى في خزانة الأدب ٩ / ١١ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٣٠٩ ، والإنصاف ٢ / ٥٣٠ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٥٩٧.