ووهم ابن الخبّاز إذ قطع بهذا الوجه ، ويجوز حذف الجواب في غير ذلك ، نحو : (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ) [الأنعام : ٣٥] الآية ، أي : فافعل ، (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) [الرعد : ٣١] الآية ، أي : لما آمنوا به ، بدليل (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) [الرعد : ٣٠]. والنحويون يقدرون : لكان هذا القرآن ، وما قدرته أظهر ، (لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) [التكاثر : ٥] ، أي : لارتدعتم وما ألهاكم التّكاثر ، (وَلَوِ افْتَدى بِهِ) [آل عمران : ٩١] أي : ما تقبّل منه ، (وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) [النساء : ٧٨] أي : لأدرككم ، (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٤٥) [يس : ٤٥] ، أي : أعرضوا ، بدليل ما بعده (أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ) [يس : ١٩] ، أي : تطيرتم ، (وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) [الكهف : ١٠٩]. أي : لنفد ، (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) [السجدة : ١٢] ، أي : لرأيت أمرا فظيعا ، (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) (١٠) [النور : ١٠] ، أي : لهلكتم ، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ) [الأحقاف : ١٠] ، قال الزمخشري : تقديره : ألستم ظالمين ، بدليل (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [الأحقاف : ١٠] ، ويردّه أن جملة الاستفهام لا تكون جوابا إلا بالفاء مؤخّرة عن الهمزة ، نحو : «إن جئتك أفما تحسن إليّ» ، ومقدّمة على غيرها ، نحو : «فهل تحسن إلي».
تنبيه ـ التحقيق أن من حذف الجواب مثل (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) [العنكبوت : ٥] لأن الجواب مسبّب عن الشّرط ، وأجل الله آت سواء أوجد الرجاء أم لم يوجد ، وإنما الأصل : فليبادر بالعمل فإن أجل الله لآت ؛ ومثله (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ) [طه : ٧] ، أي : فاعلم أنه غنيّ عن جهرك (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ) [طه : ٧] ، (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) [الحج : ٤٢ ، وفاطر : ٤] ، أي : فتصبّر ، (فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) [فاطر : ٤] ، (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) [آل عمران : ١٤٠] ، أي : فاصبروا ، (فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) [آل عمران : ١٤٠] ، (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ) [النور : ٢١] أي : يفعل الفواحش والمنكرات ، (فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [النور : ٢١] ، (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) [المائدة : ٥٦] ، أي : يغلب ، (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) [المائدة : ٥٦] ، (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ) [البقرة : ٢٢٧] ، أي : فلا تؤذوهم بقول ولا فعل ؛ فإن الله يسمع ذلك ويعلمه (فَإِنْ تَوَلَّوْا) [هود : ٥٧] أي : فلا لوم عليّ (فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ) [هود : ٥٧].
حذف الكلام بجملته
يقع ذلك باطّراد في مواضع :
أحدها : بعد حرف الجواب ، يقال : «أقام زيد؟» فتقول : «نعم» ، و «ألم يقم زيد؟»