الباب السادس من الكتاب
في التحذير من أمور اشتهرت بين المعربين ، والصّواب خلافها
وهي كثيرة ، والذي يحضرني الآن منها عشرون موضعا.
أحدها : قولهم في «لو» «إنها حرف امتناع لامتناع» ، وقد بيّنا الصواب في ذلك في فصل «لو» ، وبسطنا القول فيه بما لم نسبق إليه.
والثاني : قولهم في «إذا» غير الفجائيّة : «إنها ظرف لما يستقبل من الزّمان ، وفيها معنى الشرط غالبا» ، وذلك معيب من جهات :
إحداها : أنهم يذكرونه في كلّ موضع ، وإنما ذلك تفسير للأداة من حيث هي ، وعلى المعرب أن يبّين في كل موضع : هل هي متضمّنة لمعنى الشّرط أم لا؟ وأحسن مما قالوه أن يقال ، إذا أريد تفسيرها من حيث هي : ظرف مستقبل خافض لشرطه منصوب بجوابه صالح لغير ذلك.
والثانية : أن العبارة التي تلقى للمتدرّبين يطلب فيها الإيجاز لتخفّ على الألسنة ؛ إذ الحاجة داعية إلى تكرارها ، وكان أخصر من قولهم لما يستقبل من الزمان أن يقولوا : مستقبل.
والثالثة : أن المراد أنها ظرف موضوع للمستقبل ، والعبارة موهمة أنها محلّ للمستقبل ، كما تقول : اليوم ظرف للسفر ؛ فإن الزمان قد يجعل ظرفا للزّمان مجازا كما تقول : كتبته في يوم الخميس في عام كذا ، فإنّ الثاني حال من الأوّل ، فهو ظرف له على الاتّساع ، ولا يكون بدلا منه ؛ إذ لا يبدل الأكثر من الأقلّ على الأصحّ ، ولو قالوا : «ظرف مستقبل» لسلموا من الإسهاب والإيهام المذكورين.
والرابعة : أن قولهم : «غالبا» راجع إلى قولهم : «فيه معنى الشرط» كذا يفسّرونه ، وذلك يقتضي أنّ كونه ظرفا وكونه للزّمان وكونه للمستقبل لا يتخلّفن ، وقد بينّا في بحث «إذا» أن الأمر بخلاف ذلك.
الثالث : قولهم : «النعت يتبع المنعوت في أربعة من عشرة» ، وإنما ذلك في النعت الحقيقيّ ، فأما السببيّ فإنما يتبع في اثنين من خمسة : واحد من أوجه الإعراب ، وواحد