الباب الثامن من الكتاب
في ذكر أمور كليّة يتخرج عليها
ما لا ينحصر من الصّور الجزئية
وهي إحدى عشرة قاعدة.
القاعدة الأولى
قد يعطى الشيء حكم ما أشبهه : في معناه ، أو في لفظه ، أو فيهما.
فأما الأول فله صور كثيرة :
إحداها : دخول الباء في خبر «أنّ» في قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ) [الأحقاف : ٣٣] لأنه في معنى : أو ليس الله بقادر ، والذي سهّل ذلك التقدير تباعد ما بينهما ، ولهذا لم تدخل في (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) [الإسراء : ٩٩].
ومثله إدخال الباء في (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) [الرعد : ٤٣] وغيرها لما دخله من معنى اكتف بالله شهيدا ، بخلاف قوله [من الوافر] :
٩٠٢ ـ قليل منك يكفيني ، ولكن |
|
[قليلك لا يقال له قليل](١) |
وفي قوله [من البسيط] :
٩٠٣ ـ [هنّ الحرائر لا ربّات أخمرة] |
|
سود المحاجر لا تقرأن بالسّور (٢) |
لما دخله من معنى : لا يتقربن بقراءة السور ، ولهذا قال السهيلي : لا يجوز أن تقول : «وصل إليّ كتابك فقرأت به» على حد قوله :
* لا يقرأن بالسّور*
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في مغني اللبيب ١ / ١٠٧.
(٣) البيت من البسيط ، وهو للراعي النميري ص ١٢٢ ، وأدب الكاتب ص ٥٢١ ولسان العرب ٤ / ٣٨٦ مادة / سور / ، والمعاني الكبير ص ١١٣٨ ، وللقتال الكلابي في ديوانه ص ٥٣ ، وللراعي أو للقتال في خزانة الأدب ٩ / ١٠٧.