ما قدم وما حدث» بضم دال «حدث» ، وقراءة جماعة : سلاسلا وأغلالا [الفرقان : ٤] بصرف «سلاسل» ، وفي الحديث : «ارجعن مأزورات غير مأجورات» ، والأصل : موزورات بالواو لأنه من «الوزر» ، وقراءة أبي حبة (يُوقِنُونَ) [البقرة : ٤] بالهمزة ، وقوله [من الوافر] :
٩٢٨ ـ أحبّ المؤقدين إليّ مؤسى |
|
وجعدة ، إذ أضاءهما الوقود (١) |
بهمز «المؤقدين» ، و «مؤسى» على إعطاء الواو المجاورة للضمة حكم الواو المضمومة ، فهمزت كما قيل في «وجوه» : «أجوه» : وفي «وقّتت» : «أقّتت» ، ومن ذلك قولهم في «صوّم» : «صيّم» ، حملا على قولهم في «عصوّ» : «عصيّ» ، وكان أبو علي ينشد في مثل ذلك [من الرجز] :
قد يؤخذ الجار بجرم الجار
القاعدة الثالثة
قد يشربون لفظا معنى لفظ فيعطونه حكمه ، ويسمّى ذلك تضمينا.
وفائدته : أن تؤدّي كلمة مؤدّى كلمتين. قال الزمخشري : ألا ترى كيف رجع معنى (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ) [الكهف : ٢٨] إلى قولك : ولا تقتحم عيناك مجاوزين إلى غيرهم (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) [النساء : ٢] ، أي : ولا تضمّوها إليها آكلين ، ا ه.
ومن مثل ذلك قوله تعالى : (الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) [البقرة : ١٨٧] ضمّن الرفث معنى الإفضاء ، فعدّي بـ «إلى» مثل (وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) [النساء : ٢١] ، وإنما أصل الرّفث أن يتعدّى بالباء ، يقال : «أرفث فلان بامرأته» ؛ وقوله تعالى : (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) [آل عمران : ١١٥] أي : فلن تحرموه ، أي : فلن تحرموا ثوابه ، ولهذا عدّي إلى اثنين لا إلى واحد ؛ وقوله تعالى : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ) [البقرة : ٢٣٥] أي : لا تنووا ، ولهذا عدّي بنفسه لا بـ «على» ؛ وقوله تعالى : (يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) [الصافات : ٨] ، أي : لا يصغون ؛ وقولهم : «سمع الله لمن حمده» أي : استجاب ، فعدّي «يسمع» في الأوّل بـ «إلى» وفي الثاني باللام ؛ وإنما أصله أن يتعدّى بنفسه مثل : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ) [ق : ٤٢] ، وقوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) [البقرة : ٢٢٠] أي يميز ،
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو لجرير في ديوانه ص ٢٨٨ ، والأشباه والنظائر ٢ / ١٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٦٢ ، ـ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ١ / ٧٩ ، وشرح شافية ابن الحاجب ص ٢٠٦.