الألوف من الملائكة ؛ فغلبوا عليه في (فَسَجَدُوا) ثم استثني منهم استثناء أحدهم ؛ ثم قال : ويجوز أن يكون منقطعا.
ومن التّغليب (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) [الأعراف : ٨٨] بعد (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا) [الأعراف : ٨٨] ، فإنّه عليه الصلاة والسّلام لم يكن في ملّتهم قطّ ، بخلاف الذين آمنوا معه. ومثله (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) [الشورى : ١١] ، فإن الخطاب فيه شامل للعقلاء والأنعام ؛ فغلب المخاطبون والعاقلون على الغائبين والأنعام ؛ ومعنى (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) يبثكم ويكثركم في هذا التدبير ؛ وهو أن جعل للناس وللأنعام أزواجا حتى حصل بينهم التوالد ؛ فجعل هذا التدبير كالمنبع والمعدن للبثّ والتكثير ؛ فلذا جيء بـ «في» دون الباء ؛ ونظيره (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) [البقرة : ١٧٩] وزعم جماعة أن منه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ،) ونحو : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) [النمل : ٥٥] ، وإنما هذا من مراعاة المعنى ؛ والأول من مراعاة اللفظ.
القاعدة الخامسة
أنهم يعبرون بالفعل عن أمور :
أحدها : وقوعه ؛ وهو الأصل.
والثاني : مشارفته ؛ نحو : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَ) [البقرة : ٢٣١] ، أي : فشارفن انقضاء العدة (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ) [البقرة : ٢٤٠] ، أي : والذين يشارفون الموت وترك الأزواج يوصون وصيّة ، (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً) [النساء : ٩] ، أي : لو شارفوا أن يتركوا ، وقد مضت في فصل «لو» ونظائرها ؛ ومما لم يتقدّم ذكره قوله [من الطويل] :
٩٣٤ ـ إلى ملك كاد الجبال لفقده |
|
تزول ، وزال الرّاسيات من الصّخر (١) |
الثالث : إرادته ؛ وأكثر ما يكون ذلك بعد أداة الشرط ، نحو : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) [النحل : ٩٨] ، (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) [المائدة : ٦] ، (وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ) [البقرة : ١١٧] و [آل عمران : ٤٧] ، (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) [المائدة : ٤٢] ، (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) [النحل : ١٢٦] ، (إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ