لم يصح الرفع ؛ لأنه لا يرفع إلا وهو للحال ، ومنه قوله تعالى : (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) [البقرة : ٢١٤] بالرفع.
القاعدة السابعة
أن اللفظ قد يكون على تقدير ، وذلك المقدّر على تقدير آخر ، نحو قوله تعالى : (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ) [يونس : ٣٧] ، فإن يفترى مؤوّل بالافتراء ، والافتراء مؤول بمفترى ، وقال [من الطويل] :
٩٣٨ ـ لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللّحى |
|
ولكنّما الفتيان كلّ فتى ندي (١) |
وقالوا : «عسى زيد أن يقوم» فقيل : هو على ذلك ؛ وقيل : على حذف مضاف ، أي : عسى أمر زيد ، أو : عسى زيد صاحب القيام ؛ «أن» زائدة ، ويردّه عدم صلاحيّتها للسّقوط في الأكثر ، وأنها قد عملت ، والزائد لا يعمل ، خلافا لأبي الحسن ؛ وأما قول أبي الفتح في بيت الحماسة [من البسيط] :
٩٣٩ ـ حتّى يكون عزيزا في نفوسهم ، |
|
أو أن يبين جميعا وهو مختار (٢) |
يجوز كون «أن» زائدة ، فلأن النصب هنا يكون بالعطف لا بـ «أن» وقيل في (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) [المجادلة : ٣] إن «ما قالوا» بمعنى القول ، و «القول» بتأويل «المقول» ، أي : يعودون للمقول فيهن لفظ الظهار وهنّ الزوجات ؛ وقال أبو البقاء في (حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران : ٩٢] : يجوز عند أبي علي كون «ما» مصدرية ، والمصدر في تأويل اسم المفعول ، ا ه.
وهذا يقتضي أن غير أبي علي لا يجيز ذلك. وقال السيرافي : إذا قيل : «قاموا ما خلا زيدا ، وما عدا زيدا» فـ «ما» مصدريّة ، وهي وصلتها حال ، وفيه معنى الاستثناء ؛ قال ابن مالك : فوقعت الحال معرفة لتأوّلها بالنكرة ا ه. والتأويل : خالين عن زيد ، ومتجاوزين زيدا ؛ وأما قول ابن خروف والشلوبين إن «ما» وصلتها «نصب على الاستثناء» فغلط ، لأن معنى الاستثناء قائم بما بعدهما لا بهما ، والمنصوب على معنى لا يليق ذلك المعنى بغيره.
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢ / ٩٦٤ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٩١.
(٢) البيت من البسيط ، وهو ليزيد بن حمار (أو حمان) السكوني في الدرر ٤ / ٧٤ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٣٠١ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٤٣٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٦٥.