ولا تتعرّف «غير» بالإضافة ، لشدة إبهامها ، وتستعمل «غير» المضافة لفظا على وجهين :
أحدهما ـ وهو الأصل ـ : أن تكون صفة للنكرة ، نحو : (نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) [فاطر : ٣٧] ، أو لمعرفة قريبة منها ، نحو : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة : ٧] الآية ، لأن المعرّف الجنسيّ قريب من النكرة ، ولأن «غيرا» إذا وقعت بين ضدين ضعف إبهامها ، حتى زعم ابن السرّاج أنها حينئذ تتعرّف ، ويردّه الآية الأولى.
______________________________________________________
أما أولا فلأنه لا يلزم من تأثير الإضافة إلى المبني المذكور للبناء تأثيرها له عند كونه محذوفا.
وأما ثانيا فلأنه قد علم بالاستقرار أن تنوين التعويض عن المفرد لا يكون إلا في معرب (ولا تتعرف غير بالإضافة) المعنوية (لشدة إبهامها) نحو رأيت رجلا غيرك ، وذلك لأن مغايرة المخاطب ليست صفة تخص ذاتا دون أخرى ؛ إذ كل ما في الوجود ليس إلا ذاتا موصوفة بهذه الصفة (وتستعمل غير المضافة) بالرفع صفة لغير المرفوعة على النيابة عن الفاعل (لفظا على وجهين :
أحدهما وهو الأصل أن تكون صفة للنكرة نحو) قوله تعالى : (رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) [فاطر : ٣٧] أو المعرفة قريبة منها أي : من النكرة (نحو (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) الآية) يريد بقيتها وهو : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة : ٧] وإنما جاز وقوع غير الذي هو نكرة صفة للموصول الذي هو معرفة (، لأن المعرف الجنسي قريب من النكرة) وذلك لأن المعرف باللام قد تقصد به الحقيقة من حيث الوجود في ضمن الأفراد ، وتدل القرينة على أن المراد به البعض فيصير في المعنى كالنكرة ، وكذلك الاسم الموصول فيجوز حينئذ أن يعامل معاملة النكرة فيوصف بالنكرة (ولأن غير إذا وقعت بين ضدين) كما في هذه الآية ؛ إذا المنعم عليهم ضد المغضوب عليهم والضالين (ضعف إبهامها) فقربت من المعرفة ، فجاز أن يوصف بها ما ليس متمكنا في التعريف (حتى زعم ابن السراج أنها حينئذ تتعرف ، ويرده الآية الأولى) (نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) [فاطر : ٣٧] وإنما يتم الرد عليه إذا اعترف بأن غير الذي صفة لقوله صالحا ، وإلا فمن الجائز أن يقول : هو بدل فلا يتم الرد والذي يظهر من كلام صاحب «الكشاف» أنه مال إلى قول ابن السراج في المسألة ، وذلك أنه قال : فإن قلت : كيف صح أن يقع غير صفة للمعرفة وهو لا يتعرف وإن أضيف إلى المعارف؟ قلت : الذين أنعمت عليهم لا توقيت فيه فهو كقوله :