والثاني : أن تكون استثناء ، فتعرب بإعراب الاسم التالي «إلّا» في ذلك الكلام ، فتقول : «جاء القوم غير زيد» بالنصب ، و «ما جاءني أحد غير زيد» بالنصب ...
______________________________________________________
ولقد أمر على اللئيم يسبني (١)
ولأن المغضوب عليهم والضالين خلاف المنعم عليهم ، فليس في غير إذن الإبهام الذي يأبى عليه أن تتعرف ا ه.
وحاصل جوابه أنا لا نسلم أن غير المغضوب على تقدير الوصفية صفة للمعرف بل هو صفة لما هو في المعنى كالنكرة ؛ لأن الذين أنعمت عليهم لا توقيت فيه ، ولو سلم أن الموصوف معرفة لا نسلم أن غيرا هنا نكرة ، بناء على اشتهار المنعم عليه بمغايرة المغضوب عليه كما في قولنا : عليك بالحركة غير السكون لزوال ما يمنع تعرفه بالإضافة ، وهو التوغل في الإبهام وهذا غير ما قرره المصنف فتأمله.
(والثاني أن يكون استثناء) ولكن لا بطريق الأصالة بل بطريق الحمل على إلا وتقرير ذلك كما ذكره الرضي أن أصل غير الصفة المفيدة لمغايرة مجرورها لموصوفها ، إما بالذات نحو : مررت برجل غير زيد وإما بالصفات نحو قولك : لشخص دخلت بوجه غير الذي خرجت به ، وقد علم أن ما بعد الأداة الاستثنائية مغاير لما قبلها نفيا وإثباتا فلما اجتمع ما بعد غير وما بعد أداة الاستثناء في معنى المغايرة لما قبلها حملت أم أدوات الاستثناء ، وهي إلا في بعض المواضع على غير في الصفة كما مر في محله ، وحملت غير على إلا في بعض المواضع ومعنى الحمل أنه صار ما بعد إلا مغايرا لما قبلها ذاتا أو صفة كما بعد غير ، ولا تعتبر مغايرته له نفيا وإثباتا كما كان في أصلها وصار ما بعد غير مغايرا لما قبلها إثباتا ونفيا كما بعد إلا ولا تعتبر مغايرته له ذاتا أو صفة كما كانت في الأصل إلا أن حمل إلا على غير أكثر من العكس ؛ لأن غير اسم والتصرف في الأسماء أكثر منه في الحروف فتقع غير في جميع مواضع إلا (فتعرب بإعراب الاسم التالي لإلا في ذلك الكلام) وذلك لأن أصل غير من حيث كونه اسما جواز تحمل الإعراب وما بعده الذي صار مستثنى بتطفل غير على إلا مشغول بالجر ، لكونه مضافا إليه في الأصل جعل إعرابه الذي كان يستحقه ، لولا المانع المذكور وهو اشتغاله بالجر على نفس غير بطريق العارية لا بطريق الأصالة (فتقول : جاءني القوم غير زيد) بالنصب لغير كما تقول : جاءني القوم إلا زيدا بالنصب حتما ؛ لأنه استثناء في كلام موجب بعد تمامه (وما جاءني أحد غير زيد بالنصب) على الاستثناء
__________________
(١) تقدم تخريجه.