فيقال : سواه هو غيره؟ فكأنه لم نعدل غيره بغيره.
والجواب أن الهاء في «بغيره» للسّوى ، فكأنه قال : لم نعدل سواه بغير السوى ، وغير السوى هو نفسه عليه الصلاة والسّلام ، فالمعنى فلم نعدل سواه به.
ـ حرف الفاء ـ
الفاء المفردة : حرف مهمل ؛ خلافا لبعض الكوفيّين في قولهم : إنها ناصبة في نحو : «ما تأتينا فتحدّثنا» ، وللمبرّد في قوله : إنها خافضة في نحو :
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع |
|
[فألهيتها عن ذي تمائم محول] |
فيمن جرّ «مثلا» والمعطوف ، والصحيح أن النّصب بـ «أن» مضمرة كما سيأتي ،
______________________________________________________
والمراد أن هذا البيت من المشكلات باعتبار معناه ، ولذلك قال من أبيات المعاني أي :من الأبيات التي يسأل عن معناها لإشكالها ، وغير في بيت أبي نواس الحكمي من التراكيب المشكلة بحسب الإعراب فإشكاله باعتبار أمر لفظي يتعلق بالتركيب لا بالمعنى ، فقال : إن ذلك من مشكل التراكيب وهذا من أبيات المعاني (فيقال : سواه هو غير فكأنه قال : فلم نعدل غيره بغيره) وهو مشكل (والجواب أن الهاء في بغيره للسوى) فاختلف معاد الضميرين ، والإشكال إنما نشأ من اتحاد المعاد (فكأنه قال : لم نعدل سواه بغير السوى وغير سواه هو نفسه عليه الصلاة والسّلام ، والمعنى لم نعدل سواه به) ويظهر لي وجه آخر حسن في الجواب مع القول باتحاد معاد الضميرين ، وهو أن يقال : المراد بالسوى العدل والإنصاف لا معنى غير ، وهو أمر ثابت في اللغة صرح به الجوهري وغيره ، فالمعنى حينئذ لم يعدل عدله شيء غيره ولا غبار عليه ، والله الموفق للصواب.
(حرف الفاء)
(الفاء المفردة حرف مهمل خلافا لبعض الكوفيين في قولهم : إنها ناصبة) بنفسها للفعل المضارع (في نحو ما تأتينا فتحدثنا وللمبرد في قوله : إنها خافضة في نحو) قول امرىء القيس :
(فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع (١)
في من جر مثلا والمعطوف) كما تقدم في رب (والصحيح أن النصب بأن مضمرة كما
__________________
(١) صدر بيت من الطويل ، وهو لأمرىء القيس ، عجزه : فألهيتها عن ذي تمائم محول ، انظر خزانة الأدب ٢ / ٢٧٤ ، طبقات تحول الشعراء ١ / ٤٢.