وتقييد الاختلاف بالوضوح ليخرج معرفة إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة فى اللفظ والعبارة ، واللام فى" المعنى الواحد" للاستغراق العرفى ، ...
______________________________________________________
وحاصل ما رد به الشارح عليه أنه لا حاجة لقوله : وخفائها ؛ وذلك لأن الاختلاف فى الوضوح يقتضى أن بعضها أوضح من بعض مع وجود الوضوح فى كل ، ومن المعلوم أن الواضح بالنسبة إلى الأوضح خفى ، فالاختلاف فى الوضوح يستلزم الاختلاف فى الخفاء ، وحينئذ فلا حاجة لذكر الخفاء. على أن إسقاط لفظ الخفاء فيه فائدة وهى الإشارة إلى أن الخفاء الحقيقى ـ أعنى : الخفاء فى نفس الأمر وهو الذى ينصرف إليه اللفظ عند الإطلاق ـ لا بد من انتفائه عن تلك الطرق ، وإلا كان فيما وجد فيه تعقيد ، والخفاء الموجود فيها إنما هو بحسب إضافة بعضها إلى بعض فكلها واضحة والتفاوت إنما هو فى شدة الوضوح وضعفه.
(قوله : وتقييد) مبتدأ ، وقوله : " ليخرج" خبر (قوله : ليخرج معرفة إيراد المعنى الواحد) أى : ليخرجها عن كونها مشمولة لعلم البيان وجزءا من مسماه ، وإلا فالمعرفة بالنسبة إلى معنى واحد لا يصدق عليه الحد بطريق الاستقلال أصلا ؛ لأن المراد بالمعنى جميع المعانى الداخلة تحت القصد والإرادة (قوله : إيراد المعنى الواحد) أى : ككرم زيد وكالحيوان المفترس ، وقوله : " بطرق مختلفة" فى اللفظ والعبارة أى : مع كونها متماثلة فى الوضوح ، وذلك كالتعبير عن كرم زيد بقولنا : زيد كريم وزيد جواد ، وكالتعبير عن الحيوان المفترس بالأسد والغضنفر ، فمعرفة إيراد هذا المعنى بهذه الطرق ليست من البيان فى شىء ، وعطف العبارة على اللفظ من عطف المرادف ، وحاصل ما ذكره الشارح أن تقييد المصنف الاختلاف بوضوح الدلالة مخرج لمعرفة إيراد المعنى الواحد بتراكيب مختلفة فى اللفظ متماثلة فى الوضوح ، وذلك بأن يكون اختلافها بألفاظ مترادفة ، إذ التفاوت فى الوضوح لا يتصور فى الألفاظ المترادفة ؛ لأن الدلالة فيها وضعية فإن عرف المخاطب وضعها تماثلت وإلا لم يعرف منها أو من بعضها شيئا والتوقف فى تصور معنى بعضها ليس اختلافا فى الوضوح ؛ إذ لا وضوح قبل تذكر الوضع ومعرفته ضرورة أن المخاطب لا يدرك شيئا حتى يتذكر الوضع وبعد تذكره لا تفاوت (قوله : للاستغراق العرفى)