(يعرف به إيراد المعنى الواحد) ...
______________________________________________________
وحصل المقصود من التعريف ؛ لأن المقصود منه حصول البصيرة بالمعرف وقد وجد ، ثم إن الشارح سوى بين إرادة المعنيين وإن رجح إرادة المعنى الأول فى الفن الأول ، لكن الأرجح المعنى الثانى ؛ لأن الكتاب فى بيان المسائل والقواعد والعلم المذكور جزئى منه فإن قلت : إن العلم كما يطلق على الملكة والقواعد يطلق على الإدراك فلم لم يذكره الشارح؟ قلت : لاحتياج الكلام معه إلى تقدير المتعلق بلا ضرورة داعية إلى تقدير ذلك ولكن الذى اختاره العلامة السيد أن المراد بالعلم هنا الإدراك والتزم التقدير المذكور ؛ لأن الإدراك هو المعنى الأصلى للعلم ؛ لأنه مصدر واستعمال العلم فى المعانى الأخر إما حقيقة عرفية أو اصطلاحية أو مجاز مشهور. قال العلامة عبد الحكيم : العلم حقيقة هو الإدراك ، وقد يطلق على متعلقه وهو المعلوم إما مجازا مشهورا أو حقيقة اصطلاحية وعلى ما هو تابع له فى الحصول ووسيلة إليه فى البقاء وهو الملكة كذلك ، ثم المراد الإدراك الحاصل عن الدلائل ، والمسائل المعلومة من الدلائل والملكة الحاصلة عن التصديقات بالمسائل المدللة لما تقرر أن علم المسائل بدون الدلائل يسمى تقليدا لا علما ، ولا يصح أن يراد بالعلم هنا اعتقاد مسائل الفن ؛ لأن مجرد اعتقادها لا يعرف به أحكام الجزئيات ما لم تحصل الملكة.
(قوله : يعرف به إيراد المعنى الواحد) أى : كل معنى واحد يدخل تحت قصد المتكلم ، فاللام للاستغراق العرفى ، والمراد بقوله يعرف به يعرف برعايته ؛ لأنه إذا لم يراع لا يعرف إيراد المعنى الواحد الوارد على قصد المتكلم بطرق مختلفة ، وخرج بتقييد المعنى بالواحد إيراد المعانى المتعددة بطرق موزعة على تلك المعانى مختلفة فى الوضوح بأن يكون هذا الطريق مثلا فى معناه أوضح من الطريق الآخر فى معناه فلا تكون معرفة إيرادها كذلك من علم البيان ، واعلم أن الغرض من معرفة هذا الإيراد أن يحترز المتكلم عن الخطأ فى تأدية الكلام بحيث لا يورد من الكلام ما يدل على مقصوده دلالة خفية عند اقتضاء المقام دلالة واضحة أو واضحة عند اقتضائه دلالة خفية ، أو أوضح عند اقتضائه دلالة متوسطة فى الوضوح والخفاء ، أو متوسطة عند اقتضائه أوضح أو أخفى