هكذا كان ! ، فالصلاح والفساد إنّما يحدّده معاوية ، وليس لله حكم ولا شريعة ! شأن أيّ حكم استبدادي ليس له أدنى صلة بالدين..
وما زالت مخالفة أهواء الاُمراء تُعدّ خروجاً على « الجماعة » ودخولاً في الفتنة حتّى لو كان المخالف لهم سبط رسول الله صلىاللهعليهوآله وريحانته سيد شباب أهل الجنّة ! يقول ابن العربي في تبرير قتل الحسين عليهالسلام : « ما خرج عليه أحد إلَّا بتأويل ، وما قاتلوه إلَّا بما سمعوه من جدّه المهيمن على الرسل ، المخبر بفساد الحال ، والمحذِّر من الدخول في الفتن ! وأقواله في ذلك كثيرة ، منها قوله صلىاللهعليهوآله : « إنّه ستكون هنات وهنات ، فمن أراد أن يفرّق أمر هذه الاُمّة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان » (١) ! وكأنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان يخاطب الحكّام الذين سيملكون وإن كانوا فراعنة الزمان ، ولم يكن خطابه للمؤمنين الذين أخذ عليهم الميثاق « لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر ، ولتأخذنّ على يد الظالم ، ولتأطرنَّه على الحقّ أطراً » !!
هكذا قُلب الدين رأساً على عقب حين جُرِّدت كلمة « الأمير » من كلّ مقوّماتها وضوابطها الشرعية لتصبح لقباً من نظير « الفرعون » و « النمرود » و « القيصر » و « كسرى » التي كانت الأمم الاُخرى تُلقّب بها الحاكمين ! ويصبح ( الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ ) (٢) مفسدين في الأرض ، خارجين على « الجماعة » ساعين في الفتنة !
وبقيت الجماعة رهناً بطاعة « الخليفة » دون النظر إلى طريقة استخلافه ،
_____________
(١) العواصم من القواصم : ٢٤٤ ـ ٢٤٥.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ٢١.
س