ولم يقنع الفاكهي بمن أخذ عنهم بمكة ، سواء مشايخها ، أو الوافدين عليها ، فرحل في طلب العلم إلى مراكز ثقافية ، كانت لها شهرة واسعة في ذلك الزمن.
فقد عرفنا من كتابه هذا أنه رحل إلى بغداد ، وسمع فيها من أحمد بن عبد الجبّار العطاردي ، ت ٢٧٢ (١).
ورحل إلى الكوفة ، وسمع فيها من اسماعيل بن محمد الأحمسي (٢).
ورحل إلى صنعاء ، فسمع فيها من محمد بن علي النجّار (٣) ، وابراهيم بن أحمد اليماني (٤).
وكذلك رحل إلى (حرض) باليمن ، وسمع فيها من أحمد بن صالح (٥) ، وعلي بن المنذر الطريقي الكوفي (٦) ت ٢٥٦.
هذا ما عرفناه من رحلاته ، من خلال كتابه ، ولعلّه قد رحل إلى غير هذه المراكز الثقافية والله أعلم.
رابعا : مكانته الاجتماعية :
يظهر من خلال ما سطره الفاكهي في كتابه أنه من رجالات مكة الذين يوضعون في الاعتبار ، ودلّت بعض الأخبار على أنه علم من أعلام البلد الحرام ، خاصة بعد نضوجه العلمي ، فقد وصف في كتابه هذا أماكن ومواضع قد لا يتيسر لطالب علم عادي أن يصلها أو يراها ، وروى حوادث ومراسلات بين الأمراء قد لا يطّلع عليها إلّا الخاصة. وحادثة واحدة رواها الفاكهي في كتابه ، في سنة ٢٥٦ تعطينا مدلولات عن مكانته الاجتماعية والعلمية ، وعلاقته بأمراء مكة.
__________________
(١) أنظر الأثر ١٠٥٣.
(٢) الأثر ١٩٠٤.
(٣) الأثر ١٣٠٦.
(٤) الأثران ٢٦٢٧ ، ٢٦٦٧.
(٥) روى عنه ٢٣ نصا ، أنظر مثلا : ٧٤٦ ، ٧٤٨ ، ٧٥٠.
(٦) الأثر ٧٧٥.