يريد : وما الحديث عنها بالحديث المرجّم. فـ «عنها» يتعلّق بـ «هو» الذي يراد به الحديث عندهم. وهذا لا حجة فيه ، لأنّه يمكن أن يكون متعلقا بالمرجّم ، وجاز تقديمه عليه وإن كان في معنى الموصول ضرورة ، ويجوز أن يكون متعلقا بإضمار فعل ، كأنّه قال : أعني عنها ، أو يكون التقدير : وما هو عنها مرجّما بالحديث المرجّم ، وحذف «مرجّما» الأول لدلالة الثاني عليه.
[٢ ـ الاختلاف بين المصدر واسم الفاعل] :
واعلم أنّ هذا الباب خالف باب اسم الفاعل في أشياء منها أنّه لا يجوز أن يتقدّم معموله عليه ، وسبب ذلك أنّه مقدّر بـ «أن» والفعل ، و «أن» من الموصلات ولا يتقدّم على الموصول من صلته شيء.
وخالفه أيضا في أنّه يعمل بمعنى الحال والاستقبال ، وبمعنى المضيّ وفي أنّ الإضافة فيه محضة بخلاف اسم الفاعل.
وإذا اتبعت المخفوض في هذا الباب ، فلا يخلو من أن تتبعه على اللفظ أو على الموضع. فإن اتبعته على اللفظ فالخفض ليس إلا ، نحو : «يعجبني ضرب زيد عمرا ومحمد». وإن أتبعته على الموضع فإن كان الموضع موضع رفع ، أتبعته بالرفع وإن كان موضع نصب أتبعته بالنصب.
__________________
ضمير متّصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل ، والميم : لجمع الذكور. وذقتم : الواو حرف عطف ، «ذقتم» : كإعراب «علمتم». وما : الواو حرف عطف ، «ما» : من أخوات «ليس». هو : ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع اسم «ما». عنها : «عن» : حرف جر ، و «ها» : ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بحرف الجرّ. والجار والمجرور متعلّقان بـ «هو». بالحديث : الباء حرف جرّ زائد ، «الحديث» : اسم مجرور لفظا منصوب محلّا على أنّه خبر «ما». المرجّم : نعت «الحديث» مجرور لفظا منصوب محلّا.
وجملة «وما الحرب إلا ما علمتم» بحسب الواو. وجملة : «علمتم» صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «ذقتم» معطوفة على جملة «علمتم». وجملة «ما هو عنها بالحديث المرجم» معطوفة على جملة «ما الحرب ...».
الشاهد فيه قوله : «وما هو عنها» حيث أرجع الضمير «هو» إلى «الحديث» وليس إلى «الحرب» لأنّ الحرب مؤنثّة ، وإرجاعه إليها يفسد المعنى. وهذا ما حمل الكوفيين على اعتبار أنّ المصدر المضمر عامل كفعله.