باب ما يحمل من العدد على اللفظ لا على المعنى
ظاهر كلام أبي القاسم أنّ العدد بابه أن يحمل على المعنى ، إلّا ما ذكر فإنّه يحمل على اللفظ. وهذا المذهب فاسد بل العدد كله يحمل على اللفظ إلّا ثلاثة ألفاظ شذّت ، وسأذكرها إن شاء الله تعالى.
وأعني بقولي : «إنّ العدد محمول على اللفظ» ، أنّه لا يعتبر في العدد هل المعدود واقع على مؤنث في المعنى أو على مذكر ، بل المعتبر اللفظ. فإن كانت العرب قد أخبرت عنه إخبار المؤنث ، كان العدد عدد مؤنث وإن كان واقعا على مذكّر ، وإن كانت العرب قد أخبرت عنه إخبار المذكّر ، كان العدد عدد مذكّر وإن كان واقعا على مؤنث.
والمعتبر من الجموع مفردها لا لفظها ، فتقول : «عندي ثلاثة حمّامات» ، لأنّ الواحد «حمّام» وهو مذكّر ، خلافا لأهل بغداد فإنّهم يعتبرون الجمع إذا كان لفظه مؤنثا ، نحو : «حمّامات» ، فتقول : «عندي ثلاث حمّامات». والصحيح أنّه لا يعتبر إلّا المفرد.
والمعتبر من أسماء الجموع لفظها ، فما كان منها لمن يعقل ، فحكمه حكم المذكر ، لأنّ الإخبار عنه إخبار المذكر ، قال الله تعالى : (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ)(١). فعلى هذا القول ، ثلاثة قوم.
وما كان منها لما لا يعقل ، فحكمه حكم المؤنّث لأنّ الإخبار عنه إخبار المؤنّث ،
__________________
(١) سورة النمل : ٤٨.