«جاءني غلام زيد» ، و «كان لزيد غلمان كثيرة» لم يتناول منهم قولك : «غلام زيد» إلّا واحدا معهودا عند المخاطب ، فإن أردت غلاما واحدا من غلمان زيد غير معهود ، قلت : «جاءني غلام لزيد» ، فكذلك ينبغي أن يكون «غيرك» و «مثلك».
وكذلك أيضا لا يلزم من كون المماثل أو المغاير واحدا أن يكون معرفة ، ألا ترى أنّ الشمس واحدة في الوجود وكذلك القمر ، وأنت إذا قلت : «شمس وقمر» ، كانا نكرتين ، فدلّ ذلك على أنّ كون الشيء مفردا في الوجود لا يلزم منه أن يكون اللفظ الواقع عليه معرفة.
وما عدا هذا فإضافته محضة ، وهي مع ذلك تنقسم قسمين : إضافة بمعنى اللام وإضافة بمعنى «من». وزاد أهل الكوفة قسما ثالثا ، وهي إضافة بمعنى «عند» ، واستدلّوا على صحة مذهبهم بقول العرب : «ناقة رقود الحلب» ، قالوا : معناه رقود عند الحلب. وهذا باطل ؛ لأنّه يمكن أن يكون ذلك من باب الصفة المشبّهة باسم الفاعل ، وكأنّه قال أولا : «رقود الحلب» ، مثل «حسن الوجه» ، فيكون في اللفظ للأول وفي المعنى للثاني ، وكأنّ أصلها : هذه ناقة رقود حلبها ، وإنّما وصف الحلب بأنّه رقود لما كان الرّقاد عنده ، فجعل «رقودا» مبالغة ، قال الله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)(١). والليل والنهار لا يمكران وإنّما يمكر فيهما ، فجعلا ماكرين لذلك مبالغة ، وهذا كثير في كلام العرب.
فالإضافة بمعنى «من» هي إضافة البعض إلى الكلّ بشرط أن يصدق على البعض اسم الكلّ ، نحو : «خاتم حديد». ألا ترى أنّ الخاتم يصدق عليه اسم الحديد. وقوله : بشرط أن يصدق على البعض اسم الكل ، تحرز من مثل : «يد زيد» ، لأنها إضافة بعض إلى كلّ ولا يصدق على «اليد» زيد ، فهي بمعنى اللام والإضافة بمعنى اللام ما عدا ذلك.
[٢ ـ حذف التنوين] :
ويحذف التنوين من الإضافة المحضة وغير المحضة ، لأنّ التنوين يدل على انفصال الاسم وكماله ، والإضافة تدلّ على اتصال الاسم ، فتناقض معناهما. ويحذف من الإضافة
__________________
(١) سورة سبأ : ٣٣.