ولا مما يصلح من المناديات أن يكون صفة لـ «أيّ» ، وذلك مثل النكرة المقبل عليها ، وأسماء الإشارة ، فلا تقول في «يا رجل» : رجل ، إلّا في ضرورة شعر كقوله [من الطويل] :
٥٠٤ ـ [وحتّى يبيت القوم في الصّيف ليلة] |
|
يقولون نوّر صبح والليل عاتم |
يريد : يا صبح ، ونحو قولهم : افتد مخنوق (٢) ، وأطرق كرا (٣) ، يريد : افتد يا مخنوق ، وأطرق يا كرا.
وإنّما لم يحذف حرف النداء لئلا يكثر الحذف ، لأنّه في الأصل : يا أيّها الرجل ،
__________________
٥٠٤ ـ التخريج : البيت للأعشى في ديوانه ص ١٢٧ ؛ ولسان العرب ١٢ / ٥٩٧ (نوم) ؛ وبلا نسبة في لسان العرب ٥ / ٢٤٠ (نور) ؛ وتاج العروس ١٤ / ٣٠٣ (نور).
المعنى : كي يسهر القوم ليلة صيفيّة ، يقولون للصباح : تعال ، ولا يزال الليل مظلما.
الإعراب : وحتى : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «حتى» : حرف جرّ. يبيت : فعل مضارع منصوب بـ «أن» مضمرة بعد (حتى) ، وعلامة نصبه الفتحة ، والمصدر المؤول من «أن» والفعل «يبيت» مجرور بـ «حتى» والجار والمجرور متعلقان بالفعل «يقولون». القوم : فاعل مرفوع بالضمّة. في الصيف : جار ومجرور متعلقان بـ (يبيت). ليلة : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة. يقولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، و «الواو» : ضمير متصل في محل رفع فاعل. نور : فعل أمر مبني على السكون ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت). صبح : منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محلّ نصب. والليل : «الواو» : حاليّة ، «الليل» : مبتدأ مرفوع بالضمّة. عاتم : خبر مرفوع بالضمّة.
وجملة «يبيت» : صلة الموصول الحرفي لا محل لها. وجملة «يقولون» : بحسب الواو لأن التقدير ويقولون حتى يبيت. وجملة «نوّر» : في محلّ نصب مفعول به (مقول القول). وجملة «والليل عاتم» : في محلّ نصب حال.
والشاهد فيه قوله : «نوّر صبح» حيث حذف حرف النداء قبل النكرة ، وذلك من ضرورات الشعر.
(٣) هذا القول من أمثال العرب ، وقد ورد في مجمع الأمثال ٢ / ٧٨ ؛ والمستقصى ١ / ٢٦٥.
يضرب في الحثّ على تخليص الرجل نفسه من الأذى والشدة.
(٤) هذا القول من أمثال العرب ، وقد ورد في جمهرة الأمثال ١ / ١٩٤ ، ٣٩٥ ؛ وجمهرة اللغة ص ٧٥٧ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ٣٧٤ ، ٣٧٥ ، ٣٧٦ ؛ ولسان العرب ١٠ / ٢١٩ (طرق) ، ١٥ / ٢٢٠ (كرا) ؛ ومجمع الأمثال ١ / ٤٣١ ؛ والمستقصى ١ / ٢٢١. ومنهم من يكمل المثل ، فيقول : «أطرق كرا إنّ النعامة (أو : النعام) في القرى».
يضرب لمن يتكبّر ، وقد تواضع من هو أشرف منه ، أو يضرب للرجل يتكلّم عنده يظن أنه المراد بالكلام ، فيقول المتكلم ذلك ، أي : اسكت فإني أريد من هو أنبل منك. وقيل : يضرب مثلا للرجل الحقير إذا تكلّم في الموضع الجليل لا يتكلم فيه أمثاله.