ينكسر ذلك أصلا ، فتقول على هذا : «يا زيد العاقل ذو الجمّة وذا الجمّة» ، بالنصب إن جعلته نعتا للمنادى ، والرفع إن جعلته نعتا للعاقل. وإنّما أتبع المنادى المبنيّ على لفظه وعلى موضعه ، وسائر المبنيات إنّما تتبع على مواضعها خاصة ما عدا المبنيّ في باب «لا» فإنّه كالمنادى المبنيّ في أنّه يتبع على اللفظ وعلى الموضع ، لأنّ البناء في هذين البابين أشبه الإعراب لأنّه بناء حدث عند اقترانه بحرف ، فصار كأنّ الحرف أحدثه ، ألا ترى أنّ النكرات إنّما بنيت عند اقترانها بـ «لا» ، وكذلك المنادى إنّما بني عند اقترانه بحرف النداء ، فصار بمنزلة الإعراب يحدث في المعرب عند اقتران العامل به ، لكنّ الفرق بينه وبين البناء في هذين البابين أنّه يحدث بالعامل ، وليس كذلك البناء في باب «لا» ولا في باب النداء.
وما عدا ذلك من المبنيات فلا يشبه الإعراب ، لأنّه لم يحدث بعد شيء ما ، فيجعل ذلك الشيء كأنّه فيه ، ألا ترى أنّ «هؤلاء» مبنيّ بعد عامل الرفع والنصب والخفض ، فلمّا لم تشبه المعرب لم تتبع إلّا على موقعه خاصة.
فإن قيل : كيف جاز «يا هذا العاقل والعاقل» ، بالرفع والنصب ، وإنّما جاز الرفع في : «يا زيد العاقل» ، على اللفظ ، وهذا ليس لفظه كلفظ المرفوع فيحمل عليه النصب؟ فالجواب : إنّ «زيدا» لما أشبه لفظ المرفوع في النداء وأنت إذا أشرت إلى «زيد» ، وهو في موضع رفع كان حكمه كحكم المرفوع ، فكذلك إذا أشرت إليه وهو في موضع ما يشبه المرفوع وهو النداء.
[٦ ـ تنوين المنادى في الضرورة] :
فإذا نوّن المنادى للضرورة كما ينون ما لا ينصرف ، فاختيار سيبويه ، رحمهالله ، الرفع واختيار أبي عمرو بن العلاء النصب.
وحجة أبي عمرو أنّ المنادى بمنزلة ما لا ينصرف في موضع الخفض في أنّه مضموم في اللفظ ، وموضعه نصب ، كما أنّ ما لا ينصرف في موضع الخفض مفتوح وهو في موضع خفض. فكما أنّ التنوين يردّ ما لا ينصرف إلى أصله من الخفض ، فكذلك يردّ المنادى إلى أصله.
وحجة سيبويه ، رحمهالله ، أنّ هذا المضموم قد عومل معاملة المرفوع كما أنّ المرفوع