باب ما لا يجوز فيه إلّا إثبات الياء
اعلم أنّ هذا المضاف إلى الياء ليس منادى فيقع في محل التغيير. فإذا لم يكن منادى فلا سبيل له إلى الحذف ، بل يترك على الأصل ، فتقول : «يا ابن أخي» ، و «يا صاحب غلامي». هذا هو الحكم في هذا ولم يخرج عنه إلا لفظان ، وهما : «يا بن أمّ» ، و «يابن عمّ» ، فأجازوا فيهما بعد الأصل ثلاثة أوجه : حذف الياء ، فتقول : «يا ابن أمّ» ، كما تقول : «يا غلام». و «يا ابن أمّ» ، كما تقول : «بعلبكّ». و «يا ابن أمّا» ، كما تقول : «يا غلاما».
وهذا لما كثر استعماله في كلامهم ، وصار «يا ابن أمّ» شيئا يعرف به هذا المسمّى ، فصار كالشيء الواحد حذفوا ياءه تارة ، وخفّفوه أخرى بقلبها ألفا ، وبقلب الكسرة فتحة ، وجعلوا الاسمين بمنزلة «بعلبكّ» ، وسلبوا لكلّ واحد منهما معناه ، فبنوه على الفتح ، وفتحوا آخر الاسم الأول.
هذا وجه «يا ابن أمّ» لا ما يقول الأخفش في «يا غلام» من حذف الألف ، لأنا لا نجيزه ولا مستند له إلّا قوله : «بلهف» ، وقد تأوّلناه.
وإذا قلت : «يا ابن أمّ» ، فتحتمل هذه الإضافة معنيين : أحدهما أنّك أردت إضافة الأمّ إليك لا إضافة الابن. والثاني أن تريد إضافة الابن إليك ، فأضفت الأم ، لأنّها صارت آخر الاسم ، فإذا قلت : «يا ابن أمّ» ، على هذا المعنى فكأنّك قلت : يا ابن الأمّ الذي هو لي ، كما تقول : «هذا حبّ رمّاني» ، وليس لك «الرمان» وإنّما لك الحبّ خاصة. وإذا أردت إضافة «الرّمان» إليك قلت : «حبّ رمّاني» ، أي : حب الأصول التي هي لي ، فهما معنيان متباينان فتفهّمهما.