باب ما رخّمت الشعراء في غير النداء اضطرارا
فيه خلاف بين سيبويه رحمهالله والمبرّد ، فأمّا سيبويه فرخّم على اللغتين على لغة من نوى وعلى لغة من لم ينو ، وأما المبرّد فلا يرخّم إلّا على لغة من لم ينو خاصة. ويستدلّ على ذلك بأنّ هذا حذف في غير النداء فصار بمنزلة ما حذف من الأسماء على غير قياس ، نحو : «يد» و «دم» ، وهذا النوع إنّما يكون إعرابه في الحرف الذي يلي المحذوف ولا ينتظر غيره.
وأمّا سيبويه فالذي يحتجّ له به أنّ هذا الحذف وإن كان في غير النداء فهو مشبه به جاز فيه ما جاز في النداء.
والدليل على أنّه مشبّه به أنّه يكون فيما كان الترخيم فيه ، ولو كان على حد الحذف من «يد» لم يكن مقتصرا به على ما عدا الثلاثي ، فكونهم في النداء لا يرخّمون إلّا ما زاد على الثلاثي دليل على أنّه مشبّه بذلك ، إذ لو لم يكن كذلك لجاء من كلامهم : «مررت بعم» ، يريدون : بعمرو ، وهم لا يقولون ذلك. فثبت أنّه وإن كان حذفا في غير النداء ، فهو مشبّه بالترخيم في النداء مع أنّ السماء القاطع قد ورد بذلك ، ومنه قول الشاعر [من البسيط] :
٥٢٧ ـ إنّ ابن حارث إن أشتق لرؤيته |
|
أو أمتدحه فإنّ الناس قد علموا |
__________________
٥٢٧ ـ التخريج : البيت لابن حبناء (أوس بن حبناء أو المغيرة بن حبناء) في الدرر ٣ / ٤٨ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٢٧ ؛ وشرح التصريح ٢ / ١٩٠ ؛ والكتاب ٢ / ٢٧٢ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٢٨٣ ؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٤١ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٤٧٧ ؛ والمقرب ١ / ١٨٨ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٨١.