الليل كلّها ، فهو من وضع المفرد موضع الجمع الجائي في ضرورة الشعر ، نحو قوله [من الوافر] :
٤٠٤ ـ كلوا في بعض بطنكم تعفّوا |
|
[فإنّ زمانكم زمن خميص] |
أي : في بعض بطونكم. فثبت إذن أنّ «فعلا» و «فعيلا» يعملان عمل اسم الفاعل قليلا.
[٢ ـ حكمها في العمل] :
وحكم هذه الأمثلة كحكم اسم الفاعل من التقديم والتأخير والإضافة والفصل ، وأنّ الإضافة غير محضة ، وسائر أحكام أسماء الفاعلين إلّا ما ذكره ابن خروف من أنّ هذه الأمثلة قد تعمل عمل اسم الفاعل بمعنى المضيّ ، واستدلّ على ذلك بأنّها لما فيها من معنى المبالغة ساغ ذلك فيها ، وأنشد دليلا على ذلك قوله [من الطويل] :
بكيت أخا اللأواء يحمد يومه |
|
... البيت (٢) |
__________________
٤٠٤ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٢٣ ؛ وتخليص الشواهد ص ١٥٧ ؛ وخزانة الأدب ٧ / ٥٣٧ ، ٥٥٩ ، ٥٦٠ ، ٥٦٣ ؛ والدرر ١ / ١٥٢ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٧٤ ؛ وشرح المفصل ٥ / ٨ ، ٦ / ٢١ ؛ والكتاب ١ / ٢١٠ ؛ والمحتسب ٢ / ٨٧ ؛ والمقتضب ٢ / ١٧٢ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٥٠.
اللغة : تعفوا : تمنح لكم العافية.
المعنى : إن الإنسان يجب أن يعمل للأيام الشديدة حسابها ، وحتى الطعام يجب الإقلال منه ، فأول فائدة منه هي الصحة.
الإعراب : كلو : فعل أمر مبني على حذف النون ، لأن مضارعه من الأفعال الخمسة ، و «الواو» : ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل ، و «الألف» : للتفريق. في بعض : جار ومجرور متعلقان بالفعل كلوا. بطنكم : مضاف إليه مجرور ، و «كم» : ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة. تعفوا : فعل مضارع مجزوم (جواب الطلب) بحذف النون من آخره ، و «الواو» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، و «الألف» : للتفريق. فإن : «الفاء» : استئنافية ، «إن» : حرف مشبه بالفعل. زمانكم : اسم إن منصوب ، و «كم» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. زمن : خبر إن مرفوع بالضمة. خميص : صفة للزمان مرفوعة.
وجملة «كلوا» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «تعفوا» : جواب طلب لا محلّ لها. وجملة «إن زمانكم زمن خميص» : استئنافية لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله : «في بطنكم» حيث جاء المفرد بدل الجمع لضرورة شعرية.
(١) تقدم بالرقم ٣٩٩.