وقول أبي القاسم : «أنكر النكرات شيء ثم جوهر ثم جسم ثم حيوان ثم إنسان ثم رجل» يريد هذه الأسماء أو ما في مرتبة كل واحد منها.
فأمّا «شيء» فليس له ما هو في مرتبته ، لأنه أعمّ النكرات ، وأمّا «جوهر» ففي مرتبته «معنى» ، و «جسم» كذلك. وأما «حيوان» ففي مرتبته «جماد» ، وأما «إنسان» ففي مرتبته «بهيمة» ، وأما «رجل» ففي مرتبته «امرأة».
وهذا التدريج الذي درج أبو القاسم غير صحيح ، لأنّ الحيوان لا يلي الجسم ألا ترى أنه يجوز أن يقسّم أولا إلى نام وغير نام ، وينقسم النامي إلى حيوان وإلى نبات ، وكذلك الإنسان ليس يلي الحيوان ، لأنّه يجوز أن يقسم الحيوان إلى الماشي والسابح والطائر ، ثم ينقسم الماشي إلى ذي رجلين وغيره ، ثم ينقسم ذو الرجلين إلى عاقل وإلى غيره ، فثبت أنّ هذا التدريج ليس بصحيح. والصحيح أن تقول : كل نكرة يدخل غيرها تحتها ولا تدخل هي تحت غيرها ، فهي أنكر النكرات. فإن دخلت تحت غيرها ودخل غيرها تحتها فهي بالإضافة إلى ما يدخل تحتها أعمّ ، وبالإضافة إلى ما يدخل تحت غيرها أخص.
وأما المعارف فخمسة أقسام : مضمرات ، وأعلام ، ومشارات ، ومعرّفات بالألف واللام ، وما أضيف إلى واحد منها.
وأما الموصولات ففي تعريفها خلاف ، فمذهب أبي علي الفارسي أنها تعرفت بالعهد الذي في الصلة ، ومذهب أبي الحسن الأخفش أنها تعرفت بالألف واللام.
واستدل الفارسي على أنّها إنما تعرفت بالعهد الذي في الصلة ولم تتعرف بالألف واللام بأن من الموصولات ما ليس فيه ألف ولام ، نحو : «من» ، و «ما» ، واستدلّ الأخفش على أنّها تعرفت بالألف واللام بأنّ التعريف لم يثبت إلّا بالألف واللام أو بالإضافة ، ولم يثبت بغير هذين الشيئين تعريف. وأما قوله : إنّ من الموصولات ما ليس فيه ألف ولام مثل «من» و «ما» فهي عندنا في معنى ما فيه الألف واللام مثل «سحر» ، إذا أردت به اليوم بعينه ، إلّا ترى أنه معرفة بدليل امتناعه من الصرف ، وليس فيه الألف واللام إلّا أنّه معدول عنهما.
فإن قال أبو علي : إنّ من الموصولات ما هو مضاف ولا يتصوّر أن يكون تعريفه بالألف واللام ولا بنية الألف واللام ، لأنّه لا يجمع بينهما وبين الإضافة ، فلا حجة له في